أن تتوقف عن الكتابة لفترة لابتعادك عن موقع العمل، كالذي حصل لي حيث كنت في مهمة خارج المملكة، لتعود للعمل والكتابة فتواجه بثلاثة أحداث، كل واحد منهم أهم من الآخر، فبالإضافة إلى فقدان الأمة العربية والإسلامية لحكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إلى انتخابات الرئاسة الأمريكية وفوز الرئيس جورج بوش الابن بولاية ثانية لرئاسة أمريكا، وأخيراً الوضع الصحي الغامض للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
أحداث مهمة لا يمكن لأي كاتب يومي أن يتجاهلها ويظل صامتاً بحجة عدم الاستعداد أو المتابعة، خاصة مع فقدان زعيم عربي بوزن وبحجم الشيخ زايد بن سلطان الذي لم تكن تسميته بحكيم العرب مجاملة أو اعتباطاً، فالرجل - رحمه الله - كان طوال حياته حتى قبل أن يساهم بفكره وحكمته في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة يتميز بالعمل الدؤوب والتضحية من أجل أمته ثم من أجل قيام اتحاد الإمارات. والذي لم يواكب سنين إقامة اتحاد الإمارات العربية المتحدة لا يعرف كم من الجهود والعمل المضني الذي قام به وبذله الشيخ زايد لإقناع إخوانه شيوخ الإمارات الست الباقية، وقد وافق على كل ما طلبوه، وتنازل عن كل مطلب، تحمل ميزانية الاتحاد والصرف على الدولة الوليدة وتغطية عجز الإمارات الأخرى، ولم يرد أي مطلب لشيوخ الإمارات حتى أعلن الاتحاد وقامت دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي اجتماعات المجلس الأعلى وكذلك في اجتماعات مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية كان الشيخ زايد بن سلطان (ميزان الحكمة) والعدل وكان الوسيط الذي يذلل العقبات للآخرين.
رحم الله حكيم العرب الذي لن يعوِّض غيابه سوى الالتزام بنهجه من قبل خلفائه.
القائد العربي الآخر الذي نوشك أن نودِّعه هو المجاهد ياسر عرفات الذي حملت الأنباء خبر إصابته بغيبوبة من الدرجة الرابعة، وهي حالة بين الحياة والموت. وليرحم الله هذا القائد الفذ الذي لا يزال يقاوم كل أصناف القهر والتسلط. وحالته اليوم وهو مسجًّى في المستشفى العسكري الفرنسي تترجم بصدق حياته الحافلة بالصمود والمقاومة، ومثلما كان ولا يزال يقاوم الظلم الإسرائيلي والذين يساندونهم يقاوم المرض وتدهور حالته الصحية. وإذ نبتهل إلى العلي القدير أن يرحم حكيم العرب ويدخله جناته نطلب من الله الكريم أن ينعم على المجاهد أبي عمار بالصحة، وأن يأخذ بيده إلى المعافاة؛ ليعود إلى وطنه لقيادة جهاد شعبه وتحقيق آماله بإقامة الدولة الفلسطينية.
|