التحقيق العلمي ناحية حيوية مهمة، وللمحافظة على هذا الجانب فهو أول واجبات مراكز البحوث والجامعات، ولقد بذل الجيل السابق جهوداً مشكورة في تحقيق الكثير من التراث والكتب المخطوطة، وما زالت كتبهم بين أيدينا يستفيد منها الأدباء والمفكرون والمعلمون، وكانوا يعنون عناية كبيرة في تحقيق المخطوطات، وأنجزوا أعمالاً جيدة وبذلوا جهداً وأدوا واجبا، وستظل الأجيال الحاضرة والأجيال المقبلة تذكر صنيعهم وما أمدونا به من فيض علمهم. وفي كل عام يتساقط عدد من جيل الرواد ويذهب الى رحمة الله.. من أولئك المحققين حتى اوشكت الساحة اليوم ان تخلو من هؤلاء الذين افنوا اعمارهم في نشر رسالة العلم والصبر على تحقيق المخطوطات وكتب التراث، من أمثال عبدالسلام هارون وعبدالوهاب عزام ومحمود شاكر ومحمد كامل حسين وإبراهيم الأبياري ومحمد كرد علي ومصطفى الشهابي وجواد علي وحمد الجاسر ومحمود شيت خطاب وبهجت الأثري وإحسان عباس وعادل وأكرم زعيتر وعبدالله كنون وعيسى المعلوف وخليل مردم وبهجت البيطار وشكري فيصل والزركلي ومحمود الألوسي والكرملي ومصطفى جواد وعمر فروخ وأسعد داغر والمازني وأحمد أمين والزيات وغيرهم كثير مما لا تحضرني اسماؤهم.. وكلما قرأ المرء كتب هؤلاء وتحقيقاتهم يدرك عنايتهم واهتمامهم بالعلم واللغة والثقافة الدقة والمسؤولية ومنهجية البحث.. وينبغي ان نواصل الجهد ونسير على منهج اولئك الرواد الذين خدموا كتب التراث وذخائر الأدب. إن الواجب يقتضي ان نعد جيلا من المحققين ممن يمتاز بروح العلم والمعرفة والانتماء والرغبة العميقة في خدمة البحث العلمي، وإنشاء أقسام لتحقيق التراث ولتحقيق الغاية المرجوة من ذلك.
|