Saturday 6th November,200411727العددالسبت 23 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

المنشود المنشود
جوهر رمضان!!
رقية الهويريني

يتضخم سنوياً الشكل العام لرمضان عند المسلمين حتى وصلت لدرجة مشاركة غير المسلمين لهم بالتهنئة عند دخوله! ولقد تحولت دلالة هذا الشهر الكريم لدى بعض التجار من العبادة الى عرض للمنتجات والتخفيضات في الأسعار، كما ارتبط مفهومه لدى شريحة كبيرة من الناس بالتسوق والتنوع في الأكل والشرب والزيارات والسهر، في انقلاب جذري لمدلول رمضان كشهر عبادة، وتهذيب للنفوس.
ورمضان منظومة أخلاقية فضلاً عن كونه تشريعاً ربانياً، فهو امانة بين العبد وربه، وإخفاء الأجر والمثوبة على أدائه يعتبر من الأسباب الداعية للكشف عن جوهره ومضمونه وليس شكله فحسب!! ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) فجزاء بعض العبادات يعود نفعها على مؤديها كالزكاة التي تنمي المال، إضافة الى ان بعضها يُعدّ مجلبة وداعياً للمدح والثناء!
وإن كان الشكل المحسوس لرمضان يعني إمساكاً عن الطعام والشراب والمباحات الأخرى، فإنه من جانب آخر يعد من الشعائر التي تضبط سلوك المسلم، قال عليه الصلاة والسلام (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) وهنا تأكيد على السلوك المعنوي أكثر من الحسي، ويظهر ذلك جلياً في الحديث (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل، وإن سابَّه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم) حيث يدل اسم الفاعل (صائم) على الامتناع عن الرد على الفسق والجهل واتباع الهوى في كف الآخر عن المهاترات وصبر على الاذى كما هو صبر عن سائر المباحات!! وهكذا.. على مدى شهرٍ كامل يحاول المرء كبح جماحه، وممارسة التهذيب السلوكي الأخلاقي. ومن ينجح في المحاولة طوال الشهر أو في نهايته فباستطاعته أن يعتاد على جعل ذلك التهذيب السلوكي ديدنه طوال حياته، وفي كل عامٍ يعاود المرء تحسين سلوكه الشخصي.
وثمة أمر يدعو للعجب حيث رسخ في أذهان كثير من الناس بأن رمضان شهر الكسل، بالرغم من كونه داعية للعمل، فمعركة بدرٍ الكبرى دارت رحاها في منتصف شهر رمضان وكان النصر حليف المسلمين، وفي ذلك دلالة على ان رمضان ليس للعمل فحسب بل هو للأعمال الشاقة، وما الجهاد إلا مشقة، وما حدوثه في رمضان إلا لأنه أول الشهور بهذا العمل الشاق!
والشكل الذي عليه المسلمون الآن من السهر لغير عبادة والإسراف في الأكل والشرب في الليل والهروب للنوم في النهار يظهر الحاجة الماسة الى تأصيل مفهوم رمضان التعبدي والدعوة الى تفقيه المجتمع المسلم بمدلولاته العظيمة كتشريعٍ وتهذيب ورقي بالذات، وأنه فرصة سنوية لاستشعار العبادة والعمل، وممارسة الصبر، ومحاسبة النفس، وتغير السلوك للأفضل.
وها هي ترحل أيامه ولياليه، فهلا أعدنا لرمضان جوهره؟!!

ص.ب 260564 الرياض 11342


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved