اليوم - يوم خميس وجمعتنا سيارتنا الصغيرة لنقضي السويعات القليلة المقبلة قبل ذهابنا إلى حفل زواج أحد أصدقائنا.. الهواء رطب بارد يبعث الأمل والحياة بينما شقشقة الطيور الحالمة تنساب إلينا والطيور عائدة إلى أوكارها ودقات مكائن دفع المياه الرتيبة التي تتناهى إلينا عن بعد.. والشمس في نزاعها الأخير مع اليوم.. حتى هزمها الليل بجيوشه القادمة من بعيد فأخذت تلفظ أنفاسنا الأخيرة بعد أن صبغت أطراف السماء بلونها الساحر..
كل هذا كان في ذلك اليوم التي جمعتنا فيه تقاليدنا الحبيبة.. وانسابت الأحاديث بين الأصدقاء الأربعة حتى وصلوا إلى حالة صديقنا (الزوج الجديد) فقال أحدهم: إنه سيىء الحظ حين لم ينتظر حتى صدور القرار الخاص بتحديد المهور!! فرد عليه الثاني بالإيجاب بأن حظ صديقهم كان سيئاً، وإلا كان وفر للمنزل كم قرش ولو حتى تملأ الجيب، فانطلقت بالحديث ولأول مرة في هذا الموضوع.
الحقيقة أن المهور ليست عقبة رئيسية في زواج شبابنا فالشرط في المهور نادراً ما يحدث ولكن هناك سبب مهم وهو عدم مشاهدة رفيقة عمري قبل الزواج التي سوف تستمر رحلة الرفقة حتى تنتهي رفقة أحدنا بالموت.. وهنا تكمن المصيبة فزواجي على حد قول الست الوالدة بأن الأخت العزيزة تضاهي البدر رقة وجمالاً وأنها.. وأنها.. إلى آخر المواصفات المطلوبة في شريكة العمر.. أقصد زواجي منها على حد قولهم.. أعتقد أنها مخاطرة ومجازفة أو تستطيع القول إنها مغامرة العمر.. حين أتزوج من فتاة والدتي وبدرها.. وإذا بها قمة في القبح.. وإذا بالحياة الزوجية تبدؤها الشرر.. حتى يضحي طريقاً يعج بالحياة الزوجية فيحرقها معها.. ثم النهاية المحتومة.. الطلاق.. الطلاق أبغض الحلال عند الله.. وإذا كبش الضحية هم هؤلاء الأبرياء الأطفال.. وهم أساس المجتمع فيعيشون محرومين من عطف الوالد أو حنان الأم.. فيصبح مجتمعاً به شباب وليسوا شباباً، لأنهم حرموا من العطف والتوجيه.. لأنهم حرموا من بذر حب المجتمع والوطن وحب الخير وحب الإصلاح فيصبح مجتمعاً مخلخلاً تعوزه القيادة.. وينقصه الشباب.
فالحل الواقعي الصحيح هو أن نتخلص من العادة القبيحة الأولى وهي النسب داء مجتمعنا وعلته، والثاني وهو مشاهدة الخطيبة وهذا ليس أقصد بالاختلاط معها.. كما يعتقد بعض قارئي هذا الموضوع.. وإنما أعني ما يظهر منها عادة وهو وجهها كما حث على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لن يحدث إلا بالتعاون الوثيق بين طبقات الشعب بما فيهم آباء الفتيات والشباب فحين يجد والد الفتاة شاباً مثقفاً وكفئؤاً لحياة الزوجية من قدرة على الزواج واستقامته في الأخلاق ما المانع من الزواج (لم يبق إلا المال والنسب) وإذا منعه هذا فهو مريض بالوهم ويجب أن يعالج بالطرق الصحيحة حتى يصلح مجتمعنا وتسوده الطمأنينة على أبنائه وبناته..
ولقد نقلت حديثي هذا راجياً أن يجد قلباً مصغياً.. وأذناً سامعة لهذا الحديث عله يجدي وينفع، ومع أطيب تمنياتي لك عزيزي القارئ ألف تحية وإلى اللقاء.
بقلم: محمد السليمان الخليوي |