ببالغ الحزن والتأثر والحنين إلى الماضي البعيد وأيامه الجميلة التي لا تنسى قرأت موضوع الكاتب القدير الأستاذ عبدالله بن بخيت في عدد الجزيرة 11717 يوم الأربعاء 13 رمضان 1425هـ.
لقد أثرت شجوننا يا ابن بخيت، وقلبت علينا مواجع قد خلت، وذكرتنا بأيام ماضية ليس من السهولة أن ننساها، كانت فيها طيبة القلوب هي المسيطرة، وصفاء النية هي مبدأ التعامل بين الناس، رغم الفقر في ذلك الوقت وصعوبة الحياة وشظف العيش.. إلا ان الناس كانوا أغنياء كثيراً بطيبتهم وأخلاقهم وقناعتهم التي تتكسر عليها كل أحلام الغني.
الإنسان في تلك الأيام لا يفكر في غده كثيراً وما سوف يحمله لنا.. بل يوكل ذلك إلى المولى يفعل ما يريد، ولهذا هو ينام قرير العين هانيها.
ليس هناك مكانٌ في قلوب أولئك البشر للنقد والحسد والتباغض.. وإنْ وجد فهو بالنزر اليسير والذي قد تكون ربما من طبيعة الإنسان وحبه الخير.
أنا مثلك تماما يا ابن بخيت.. فالشميسي قد عشت فيه بياض أحلامي ونقاء سريرتي وصفاء قلبي ومرحلة شبابي الجامح، والذي كان يفرح جدا بقطعة من قماش تكسوه وطاقية تحمي رأسه من لهيب الشمس وكسرة خبز تسد رمقه من الجوع.. وكانت هذه الأشياء غاية مرادنا فقط وأحلامنا وأمانينا.. لا نفكر في أسهم أو سندات أو قصور منيفة أو في شراء لوحة مميزة أو في سياحة على ضفاف الأمازون..! ولكن كنا نفكر كيف نتميز بطيبتنا وأخلاقنا وعلاقاتنا الحميمة مع بعضنا البعض.. أعتقد بأن مَنْ لم يعش في الشميسي أو لا يعرفه فهو لم يعش في الرياض ولم يستمتع بجمال الناس وأخلاق الرجال.. كل شيء كان في الشميسي، وكل المتضادات كانت في الشميسي، وكل شيء جميل كان هناك.. إذا مررت بالشميسي وحاراته فهناك دمعة حرّى تنزل رغماً عني بسبب تداعي المعاني لتلك الأيام الحانية التي أشم من خلالها كل عبق رائع للماضي الجميل.. لك الله يا الشميسي ودمت ماضياً تليداً وحاضراً مجيداً ومستقبلاً زاهراً.
ومَنْ لم يعرف الشميسي فعليه أن يسأل ليعرف الفرق بين ما كنا وما أصبحنا فيه، وبين أحلام أولئك البشر وأحلامنا الآن، وبين مبادئ الرجولة هنا وهناك.. حتى يستطيع أن يعرف أيضا كيف كانت الحياة وكيف أصبحت.
عبدالرحمن عقيل حمود المساوي
الرياض 11768 - ص . ب 155546 |