قال الله تعالى : { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } (18) سورة ق.
يقول المثل : لسانك حصانك ، ولسان الإنسان هو همزة الوصل بينه وبين العالم الخارجي ، بما يمثله هذا العالم من إشكاليات عديدة ، وتعاملات متنوعة ، وأمور حياتية مختلفة ، واللسان وهو عضلة من عضلات الجسم ، تتشابه عند البشر ، ولكن ما يصدر منها يختلف بالطبع ، وبدرجات شديدة التفاوت.
فهذا لسانه لا يقول إلا عطرا وعبقا وطيبا ، وآخر لسانه يمزج بين الجميل والقبيح ، وآخر يرجح جميله على قبيحه ، والبعض يحدث عنهم العكس ، والبعض يفلت زمام أمور لسانه من يده ، فترى اللسان يتدحرج في زلاته وهفواته التي يضيع بموجبها الإنسان نفسه.
واللسان يوصل صاحبه إلى الأخطار ليس في الدنيا فحسب ، بل حتى في الآخرة - والعياذ بالله - حيث إن لسان السوء هو أمر بمنتهى الخطورة.
إن طيب الكلام لا ينجم إلا عن سريرة طيبة ، وقلب ناصع البياض ، فاللسان والكلام بالمحصلة ، هو تعبير عن المضمون الذي يعيش فيه هذا الإنسان أو ذاك ، ولذلك فإن القاعدة التي تقول : (كل إناء بما فيه ينضح) هي صحيحة تماما ، فالإناء الذي لا يحوي إلا طيباً كيف له أن ينضح بغير الطيب ، والإناء الذي تعكر ماؤه لابد أن يكون ما يصدر عنه عكراً.
إن الكلمة الطيبة هي نعمة بالفعل ، ولا يصل إليها إلا من وصل لدرجة صفاء المضمون ، وطيب القلب والعقل ، وهذا لا يكون إلا بفضل من الله ثم بتربية النفس واخذها بمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم.
لقد حُرم البعض من هذه النعمة وهي نعمة ليست بسيطة ، بل هي على غاية الأهمية ، وتمثل سعادة بحد ذاتها ، لأنها تنعكس خيراً على صاحبها ، وعلى محيطه من أبناء وأسرة ومجتمع ، إن الكلمة الطيبة هي جزء لا يتجزأ من الشخصية الإسلامية ، فالمسلم النموذجي هو صاحب الكلمة الطيبة على الدوام وهي من كل مسلم مطلوبة ، لكنها من منسوبي العمل الدعوي أكثر إلحاحاً ، والله من وراء القصد.
هامش
* إن من الكلام ما هو أشد من الحجر ، وأنفذ من وخز الإبر ، وأمرّ من الصبر وأحرّ من الجمر.
(لقمان الحكيم)
* ينبغي مضغ الكلمات أكثر من مضغ قطعة الخبز..
(مثل دانماركي)
احفظ لسانك واحترز من لفظه
فالمرء يسلمُ باللسان ويعطب
وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن
ثرثارة في كل نادٍ تخطب |
(صالح بن عبد القدوس)
|