من بين الألوان القاتمة والأخشاب المتكسرة ينزل حقيبته من أعلى الدولاب، يضع ملابسه وبعض كتبه، صوت الباب يقرع بحجر، يتفنن الطارق في نشازه.. لا يحب أسلوب النداء هذا، ولكن ماذا يفعل وهو لا يملك جرساً عند الباب.. ينهض بجر خطاه الكسالى ليرى من هنالك.. ومن غير سلام.
- هيا بنا فالشباب ينتظروننا عند أول محطة.
يستدير بدون كلام، ويأخذ مع طريقه بعض الأثافي وقطعة قماش سوداء أثقلتها حبات الغبار.. يضع حقيبته البالية على كتفه وولاعته الخشبية في جيبه.. يسد فتحة الباب بقطعة القماش ويوسده بالأثافي.. هذه طريقته في إغلاق غرفته فهو لا يحب الأقفال.. يركب السيارة.. صوت محمد عبده يردد (صوتك يناديني تذكر).. يطل بنظرة من الزجاج الأمامي نحو الأعلى فيرى الغمام يتشتت واسراب الحمائم تهاجر.. كل شيء في قريته مهاجر.. يشعل سيجارته التي لا تنطفئ منذ تعلمه لهذه العادة السيئة.. ينفث دخانه ويسبح في حومة أفكاره، والضحكات تتعالى من حوله.
أحمد حسن الشيبة / محايل عسير ص.ب 619
|