بقدر ما تقاس الأمة بتقدمها الحضاري وتطورها العلمي تقاس بمدى مراعاة أفرادها لشيء اسمه (الذوق)، ولو بحثنا عن تعريف له على النطاق الاجتماعي لوجدنا أنه (احترام شعور الآخرين) والدين الإسلامي أمر فيما أمر به التحلي ب (الخلق الحسن)، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)، ونحن هنا مسلمون نصلي ونصوم ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر.. فمتى أرى في بلدي احترام شعور الآخرين بادياً على كل الأعمال..؟ ومتى أرى السلام وإلقاء التحية تأتي عفواً من كل واحد منا..؟ ومتى أرى الإنسان في المسجد يوم الجمعة لا يتخطى رقاب الآخرين..؟ ومتى أرى الجار يحجم عن رمي الأوساخ أمام باب جاره المسلم..؟ ومتى أرى صاحب سيارة الأجرة يقلل من سرعته حينما يمر بشيخ أشيب أو امرأة ضعيفة أو طفل صغير..؟ ومتى أسمع تبادل عبارات الشكر تدور بين اثنين خدم كل منهما الآخر..؟ ومتى تزول بعض العادات من مجتمعنا كاستعمال المنبه أمام الأبواب في وقت متأخر من الليل..؟ وضرب الباب بقوة فوضوية.. وعدم استعمال (منبه المنزل)..؟ ومتى أرى الذوق يتحكم في جميع أعمالنا وتصرفاتنا فهو سر الرقي والتقدم وبه تتوحد القلوب وتصفو النفوس ويكون المجتمع مثالياً مسلماً يقتدي بالهداة الأولين الذين كانوا قمة في المثالثة ومراعاة شعور الآخرين.. وقد قال أنس رضي الله عنه: ما مسست ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط ولا قال لشيء فعلته.. لم فعلته..؟ ولا لشيء لم أفعله.. ألا فعلت كذا..؟ وبهذه الأخلاق ومن هذه الأخلاق دان المشرق والمغرب لأمة كان التفرق ديدنها وأولئك هم الصالحون..!!
|