في مثل هذا اليوم من عام 1911 وقعت فرنسا وألمانيا معاهدة لتسوية خلافاتهما بشأن المصالح الاستعمارية في كل من المغرب والكونغو.
بموجب هذه المعاهدة اعترفت فرنسا بالمصالح الاستعمارية لألمانيا في الكونغو التي كان يوجد بها استعار بلجيكي مقابل اعتراف ألمانيا بالمصالح الاستعمارية في المغرب.
وكانت السنوات العشر التي سبقت الحرب العالمية الأولى قد شهدت محاولات ألمانية مستمرة من أجل الحصول على جزء من الكعكة الاستعمارية في إفريقيا خاصة وأنها وجدت نفسها بعيدا عن هذه الكعكة التي تقاسمتها بريطانيا وفرنسا ومعهما إيطاليا وبلجيكا فقررت إثارة المشكلات لفرنسا في المغرب حيث كانت فرنسا تحتل دول المغرب العربي الثلاثة الجزائر وتونس والمغرب.
وقد تزايد القلق الألماني بعد الاتفاق الودي بين فرنسا وبريطانيا عام 1904 حيث اتفقت الدولتان على ترك فرنسا في المغرب مقابل ترك بريطانيا في مصر.
وكان الاتفاق الودي بمثابة بداية مرحلة من التحالف بين باريس ولندن الأمر الذي أشعل غضب وقلق الألمان فقرروا إثارة المشكلات لفرنسا في مستعمراتها بشمال إفريقيا على أمل إحراج الحكومة الفرنسية والضغط عليها من أجل فك ارتباطها مع بريطانيا العدو التقليدي واللدود لألمانيا. ورغم أن المحاولات الألمانية كانت قد دفعت فرنسا إلى مزيد من التقارب مع بريطانيا إلا أنه بحلول عام 1911 بدأت ألمانيا تحشد قواتها السياسية والعسكرية من أجل تحقيق أهدافها وشعرت فرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية أن المغرب يمكن أن تكون سببا في إشعال حرب أوروبية شاملة فبدأ البحث عن مخرج. وكان المخرج المقبول هو اتفاق 1911 الذي حصلت بموجبه ألمانيا على الكونغو مقابل إطلاق يد فرنسا في المغرب. وعرفت هذه المعاهدة باسم معاهدة برلين.
وقد اعتبر الشعب الألماني أن الاتفاق بمثابة هزيمة للتيار اليميني الحاكم في برلين حيث قايضت الحكومة الألمانية المغرب وما يمثله من أهمية استراتيجية واقتصادية بمساحات في غرب ووسط إفريقيا لم تكن تحمل في ذلك الوقت أي قيمة اقتصادية تذكر.
ولذلك لم تصمد حالة السلام الهش بين فرنسا وألمانيا طويلا. فما أن جاء عام 1914 حتى تفجرت الحرب في أوروبا واتسع نطاقها سريعا لتصبح الحرب العالمية الأولى وفيها شكلت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة تحالفا ضد دول المحور التي ضمت ألمانيا والنمسا وإيطاليا وتركيا. وقد انتهت الحرب عام 1918 بهزيمة المحور هزيمة ساحقة.
|