ما أكثر الكتب التي تناولت حياة الإنسان قبل الإسلام، وما أكثر الكتب التي تحدثت عن الحضارة الحديثة بمختلف ميادينها, بل ما نشاهده عبر الإعلام بمختلف وسائله.
ولكن سرعان ما تدرك للوهلة الأولى أن هذا التقدم بمختلف ميادينه عائد إلى النهضة الفكرية التي يعيشها عالمنا.
قال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (23) سورة الأحزاب.
فجدير بنا نحن المسلمين أن نصدق عهدنا مع الله لأننا كما وصفنا في محكم تنزيله {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (110) سورة آل عمران لكوننا نحمل كتاب الله الذي شع نوره فأضاء على الإنسانية كافة، وهذا بفضل أجدادنا المخلصين الذين حملوا الرسالة وأدوا الأمانة.
فجدير بكم أيها المسلمون إذا أردتم أن تكونوا خير خلف لخير سلف أن تجعلوا القرآن نور قلوبكم تتدبروا معانيه وتعملوا بما جاء فيه وتتصفوا بخلق القرآن.
قيل: إن العلم سلاح ذو حدين إيجابي يتمثل في تسخير وسائل التكنولوجيا المعاصرة لتقدم البشرية وسعادتها وحد سلبي يتمثل في كونه وسيلة هدم يسعى إلى الدمار وهدم القيم الأخلاقية.
فمثلاً الصيدلي إذا أنتج في مختبره دواء ينقذ شخصاً بأمر الله ليس كالصيدلي الذي ينتج المخدرات التي تمزق أواصر المجتمع وتعمل على إقامة الجرائم والانحلال.
ولهذا صدق الشاعر حينما قال:
إذا ما المعلم لابس حسن الخلق
فأرج لأهله خيراً كثيرا
وما فاز أغزرنا علوماً
ولكن فاز أسلمنا ضميرا |
ولهذا أمرنا الله سبحانه وتعالى بطلب العلم عملا بقوله تعالى
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}، وفي نفس الوقت جعل التقوى معيار المفاضلة بين الناس حيث قال جلّ وعلا {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } (13) سورة الحجرات.
كما لا ننكر دور الإسلام في إرساء دعائم العلم في مختلف بقاع الأرض انطلاقاً من جزيرة العرب مهد الوحي إلى كل الدول التي شملتها الفتوحات الإسلامية حينما كان الخلفاء يقيمون خزائن الكتب لدرجة أن بيت الحكمة التي أسسها الخليفة هارون الرشيد احتوت على ستمائة ألف كتاب.
أخي القارئ: عليك أن تختار من منابع العلم الكتب الهادفة التي تبني الإسلام ولا تهدم، ولهذا صدق الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - عندما سُئل عن رأيه في حضارة الغرب، فقال: نأخذ منها ما يناسب والشريعة الإسلامية، وننبذ منها ما يتنافى وعقيدتنا الإسلامية، قالت العرب ليس العيب أن تخطئ، ولكن العيب أن تستمر فيه، فلقد أخطأ نوبل عندما تسبب في اختراع القنبلة النووية التي سفكت دماء الأبرياء في هيروشيما ونجازاكي، ولهذا حتى يكفر عن ذنبه وضع جائزة سلام سميت باسمه لتكون دافعاً على تسخير العمل في خدمة البشرية.
|