عام بعد آخر يزهو الوطن ويفخر بقادته وحكامه ليتواصل العقد وتستمر المسيرة من خلال ملحمة مستمرة بسواعد ابنائها لتكون المحصلة دولة فتية، تزهو بتطبيق الشريعة الإسلامية السمحاء وتصدح بتعاليمها وقيمها النبيلة لنشر السلام والخير لجميع المجتمعات البشرية.
ومع مرور 74 عاماً تطل علينا هذه الذكرى الطيبة المباركة التي تحمل كل النجاحات من خلال استثمار الفائض في الميزانية والنجاحات البلدية التي تنعم بها كافة مناطق المملكة والمشاريع التنموية التي غطت الحضر والبادية تزهو وتخفر بها أجيال وأجيال.
هذه الذكرى الطيبة على القلوب والنفوس تجعلنا نعيد صياغة التاريخ ونقرأ في فكر القائد والمؤسس الذي وحد البلاد وحولها من مترامية الأطراف الى وطن موحد يسوده الإيمان والحب بدلاً من القتال والمشاحنات القبلية.
هو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الذي كان مخلصاً لدينه ووطنه وأمته فترك مسيرة عطرة تحكي تاريخاً وتراثاً متكاملاً من القيم والعادات النبيلة ويكفينا قوله: (اعتمادنا في جميع أعمالنا على الله وهو المدبر لكل ما في الوجود وعز الإنسان في دينه وشرفه وكل عمل خالف الدين والشرف فاسد والإنسان إذا دعا بدعوى او قصد مقصداً او تكلم بالكلام فعليه ان يوضح للناس الحقيقة ليكونوا على بينة من أمره، وهذا واجب على الإنسان لحفظ شرفه وحقه).
تلك الكلمات تؤكد أن المؤسس - طيب الله ثراه - استطاع توحيد المملكة على قواعد وأسس راسخة من القيم الإسلامية والأخلاقية والأمنية والعلمية ليظل علم التوحيد يرفرف خفاقاً على هذه البلاد عاماً بعد آخر، دون ان تزعزع قواعده أي رياح كانت بفضل الله ثم بفضل تكاتف وتعاضد ابنائه تنفيذاً لوصيته وحرصاً منهم على حمل الأمانة كما حملها لهم الملك عبدالعزيز - رحمه الله - قهر الصعاب وكافح حتى حول المملكة الى واحة من الأمن والأمانة لتستمر على مدار السنين تعيش صيغة الكيان الواحد فيستقر الوطن برغم كيد الأعداء وحقد الحاسدين وارهاب المضللين، وطن يعم فيه الهدوء والسكينة والاستقرار، وطن تحولت فيه البلاد الى لحمة ومحبة ووفاء صادقين بعيداً عن السلب والنهب والفوضى - وطن تحول الى إيمان صادق وعقيدة صافية قادها رجل مخلص ومحب لدينه ووطنه وأمته.
الوطن هو عنوان كبير يحمل بين طياته حكاية قائد ومسيرة شعب - قائد أحبه الشعب فتوجهم بالإنجازات - قائد ترك بصمة وأثرا عبر عقود عاشت ولا زالت تعيش في أمن ورخاء واستقرار.
يرى المؤرخون أن عام 1932 سجل فيه التاريخ ميلاد دولة ظلت عقوداً مسرحاً للفوضى والقلاقل والاضطرابات حتى جاءها الملك عبدالعزيز فبدل فوضاها أمناً وجهلها علماً وفقرها رخاء وتخلفها ازدهاراً.
المؤسس الذي جاهد وكافح على مدار 32 سنة حتى استطاع توحيد الكلمة وجعلها كيانا متكاملا يسوده الأمن والأمان حتى انه قال في احد خطبه الى الشعب بأن ما كان يهدف اليه من جهاد هو احقاق الحق والعدل وإقامة شرع الله في هذه البلاد التي تتشرف بوجود الحرمين الشريفين على أرضها وخدمة قاصديها من الحجاج والمعتمرين والزوار فضلاً عن كونها مهبط الوحي ومهد الرسالة الإسلامية ومهوى أفئدة المسلمين من كل مكان.
لقد جاء المؤسس ليجمع المسلمين على لحمة سواء فتحول الوطن الى لحمة وتماسك وتعاضد حتى ملكت سيرته أحاسيس الناس ومشاعرهم بالمثل العليا والأعمال القيمة والنبيلة فتظل مواقفه يعجز اللسان عن سردها من شجاعة وفكر متميز ومواقف نبيلة ونظرة فريدة لعالم مشرق تسوده المحبة والوئام.
وهنا كان طبيعياً أن تتهاوى أمام المؤسس - طيب الله ثراه - الحصون وانهارت أمامه الجيوش العاتية حتى أسس دولة قوية وحد كلمتها وأرسى قواعد أمنها وأوضح أمور دينها ودنياها وقاد مسيرتها من عام إلى آخر ومن إنجاز إلى حليفة لتظل المملكة تنعم بالمسيرة التنموية والحضارية والاقتصادية الشاملة على مدار عقود متواصلة.
وتتواصل المسيرة العطرة - مسيرة الإنجازات الشاملة والمتنوعة التي تجمعت في جميع المناطق ليستظل بها المواطن والمقيم من خلال ابنائه البررة الكرام لترى وحدة في القلوب وتلاحم في الصفوف وانتشار للعلم ونمو في الثروة وازدهار في الصحة.
ولو نظرنا الى العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله لوجدنا ان التجربة السعودية شهدت نضجاً وإثماراً للغرس في شتى المجالات بعد أن اعتمد على منهجية واقعية تستلهم المبادئ الإسلامية الحنيفة والتقاليد المتوافقة معها.
فالبنى التحتية تشاد بعزم والأمن يراقب بحزم والتأهيل البشري يتابع باهتمام لتكون المحصلة بانوراما شاملة ومتكاملة في مسيرة الإنجاز والخير لنشعر بالفخر تحت مظلة قادة الإسلام وحماته.
الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله الذي يواصل المسيرة على الطريق الذي أعده والده العظيم وسار عليه اخوانه الملوك الميامين فيصبح للمملكة دور وحضور فعال في كافة المؤتمرات والمبادرات الدولية حتى إنها الدولة الوحيدة التي لم تغب عن مؤتمرات القمة العربية ومؤتمرات وزراء الخارجية للدول العربية منذ أول مؤتمر قمة عربي في مصر في 28 جمادى الآخرة 1365هـ، وهي الدولة التي لم يتغير او يتبدل موقفها من القضية الفلسطينية حيث تعلن المملكة التأييد والمؤازرة للقضية في المحافل العربية والإسلامية والدولية.
وجمعية الناشرين السعوديين التي اتشرف برئاستها هي احدى الثمار اليانعة التي غرستها ونمتها ورعتها أياد كريمة حتى بزغ نجمها وصار لها دور مؤثر على الخريطة الثقافية محلياً وخليجياً.
الجمعية وجدت الدعم والمساندة والرعاية الكريمة من قيادتنا الحكيمة ليصبح صوتها مدوياً ومدافعاً عن القيم النبيلة والكلمة الملتزمة التي تعبر عن نبل وقيم وكيان هذا الشعب العظيم.
جمعية الناشرين التي كان لها دور رائع في رفض الارهاب والدعوة الى التلاحم والتعاضد والالتفاف حول قيادتنا الحكيمة، ما زالت هذه الجمعية تواصل دورها الريادي في مقاومة القرصنة ومحاربة التزوير ودعم المعارض المحلية والمشاركات الجيدة في المعارض الخارجية ولعل آخرها معرض فرانكفورت العالمي الذي تحول فيه الجناح السعودي الى شعلة متواصلة وتعمل بجد واجتهاد على مدار الساعة.
كل هذه الجهود ما كانت لتبرز وتفرض نفسها وقوتها إلا بدعم ورعاية مباشرة من قادتنا حفظهم الله ورعاهم وجعلهم سنداً لنا دائماً.
إننا في هذه البلاد مطالبون بأن نحافظ على الوحدة والتلاحم الصادق وان ندرك بأن مسؤولية الحفاظ على أمن واستقرار هذه البلاد مسؤولية جماعية، لنستظل جميعا بواحة الأمن والأمان وان نزرع في نفوس هذا الجيل مستقبلاً زارهاً لتكون المحصلة اجيالا واعية مسالمة بعيدة عن العنف والتطرف لنستشرق آفاق المستقبل.
|