Thursday 4th November,200411725العددالخميس 21 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

لما هو آت لما هو آت
لكِ وحدكِ
د. خيرية إبراهيم السقاف

تذكرتك اللَّحظة وأنتِ تحدبين عليَّ بنظراتكِ كلَّما هممتُ بفعل شيء وتعثَّرتُ حين أتوقَّع أن تزيلي عنِّي عثرة الدَّرب فتقولين: تدرَّبي، فأنتِ خلقتِ لزمن غير زمني، إذ من سيكون لكِ حين أغادركِ؟
وكان علَّي أن أفعل المثل مع أبنائي...، وقد فعلتُ...
الصغيرة تتعثَّر، وأمَها تناظرها ولا تتحرَّك...، أقبلت عليها ثمَّ تراجعت، تذكرت أنَّها خلقت لزمن غير زمننا...
حين كان أقصى حدود مدينتك الشارع الذي تعبرينه مشياً لمدة خمس إلى عشر دقائق...
وحيث كان أقصى حدود شمال بيتنا ذلك الجبل الصغير الذي يتاخم سور بيت أستاذنا...
وحيث يكون أقصى حدود لأقرب شارع الآن هو مسافة سير لنصف الساعة بالعربة!!
زمن تلاحقت فيه حركة المسير ليس على مستوى الثانية في الساعة بل في الثانية ذاتها... زمن لمحيٌ خاطف لا أدري أهو بفعل الإنسان، أم بفعل التكوين فيه؟
قبل قليل جاءني صوته يبثُّ مشكلة بينه وبين زوجه، وتتأوَّه من الزمن الذي لم يعد فيه أحد لا يشكو...
كانت كانت كلماته قرعاً لطيفاً على طبلة احساسي، وعند فوَّهة ذاكرتي قلت له: ليس الزمن، إنَّه إنسانه...
أرأيت إلى الشمس؟ لا تزال تصعد سلمة الفضاء كي تنشر الدفءُ وتمد الشجر بالنور، في وقتها لا تزل ولا تتأخر، أرأيت إلى الشتاء! إنَّه قادم في موعده... أيام وتصل قافلته، هذا رمضان لم يخذلنا، أتى في وقته، ولم يعبأ بكتل الدماء ولا بكثافة السَّهر، ولا بهدير الألوان، ولا بغوغاء الأصوات، ولا بالمال الذي زاد، أو الفقراء الذين تضاعفوا أو الجاهلين الذين انتشروا، أو الأغبياء الذين تسَّيدوا، أو الأذكياء الذين جنُّوا... أو التداخل المتعجِّن الذي حدث في الحياة بين الناس ومواقعهم ومصالحهم وحاجاتهم ، وعلمائهم وساستهم وجاهلهم وعارفهم!!
أرأيت للرَّعد لم يتغير صوته، وللبرق لم يتبدل وهجه، وللمطر لا تزال حبَّاته تأتي من الغيم، ولاتزال السحب تحمل في شاهق السماء...
أرأيت الطير، والدَّابة، والحشرة، والليل، والضحى والنهار، والشجر والثمار... ونطف الإنسان والحيوان أتبدَّل شيء في سيرها وطبيعتها وعملها ووظيفتها؟!...
زمن لم يتغير فيه سوى أناسه...
زمن أناسه هم صانعو أحداثه...
إذن، هم لزمنهم... ونحن للتأمل؟!
إيه،
ذاكرتي تهمي اللَّحظة إلي بصدى صوتكِ...
تذكرتُ شيئاً من زمنكِ...
وكلَّ زمني...
وما بقى منه، يتداخل مع زمن أناس ليسوا لزمني.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved