* دبي - حبيب الطرابلسي - ا ف ب:
استخدم الرئيس الراحل لدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان خلال عهده الذي استمر 33 عاما، أموال النفط لتطوير بلاده من أجل إحداث تحول عميق في بنيتها لجعلها طرفا أساسيا في الاقتصاد العالمي.
وفي الواقع فإنه وبفضل العائدات النفطية الكبيرة تعد الإمارات الان واحدة من أغنى دول العالم بدخل فردي يبلغ أكثر من 16 ألف دولار سنة 2020 .
ويتوقع أن يرتفع هذا الدخل بشكل واضح هذه السنة بسبب الارتفاع الحاد لأسعار النفط.
لكن كل مظاهر الازدهار من طرق سريعة وفنادق فخمة وتطور سياحي كبير ومناطق حرة تستقبل كبريات الشركات المتعددة الجنسيات لا يجب أن تحجب بعض أوجه التناقض وخاصة في مجال النمو الاقتصادي غير المتوازن بين الإمارات السبع التي تشكل الدولة الاتحادية
(أبوظبي ودبي والشارقة والفجيرة ورأس الخيمة وعجمان وأم القيوين).
وكذلك يسود خلل سكاني صارخ بين الإماراتيين والأجانب وهناك نسبة بطالة مثيرة للقلق بين رعايا الدولة الإماراتيين الذين يشكلون أقلية ما فتأت نسبتها تتضاءل قياسا لعدد السكان.
وتشكل إمارة دبي تجسيدا جليا لهذا التناقض بين الإمارات بمشاريعها الضخمة والبالغة الفخامة والتي توظف فيها استثمارات بمليارات الدولارات وتسعى للتحول إلى مركز تجاري ومالي وسياحي عالمي.
ويتجسد الطموح الكبير لهذه الإمارة في مطارها الدولي الذي تجري له عملية توسيع بهدف جعله يستقبل ستين مليون مسافر سنويا بحلول سنة 2020 .
كما تفخر دبي بكونها تؤوي أكبر منطقة حرة في المنطقة في جبل علي
(جنوب غرب دبي) إضافة إلى منطقة حرة للتجارة الالكترونية في مدينة دبي للانترنيت التي تضم كبريات شركات التكنولوجيا المتطورة مثل (مايكروسوفت) و(اي بي ام) و(اوراكل).
وتأمل إمارة دبي في توظيف ثروات دول المنطقة لتصبح سوقا مالية عالمية حيث أقامت للغرض مؤخرا مركز دبي المالي العالمي.
وتمثل إمارة إبوظبي حيث العاصمة الاتحادية والتي تنتج أكثر من 80 بالمائة من نفط الإمارات (2.5 مليون برميل يوميا)، القطب الاقتصادي الثاني في الامارات.
ويتأتى باقي الإنتاج النفطي أساسا من إمارتي دبي والشارقة.
كما توفر إمارة أبوظبي التي تشكل مساحتها حوالي 86 بالمائة من الإمارات، أغلب موارد الميزانية الاتحادية للدولة غير أن كل هذا الإشعاع لا يعني اختفاء مناطق الظل. ففي مايو 2000 أعلنت حكومة رأس الخيمة أنها غير قادرة على توفير مواطن عمل بالنظر إلى أن إداراتها تعاني من تكدس الموظفين
(وأن الكثير من الموظفين ليس لديهم في الواقع ما يعملونه).
وبالفعل ووفق إحصائيات رسمية نشرتها مؤخراً الجامعة العربية فإن البطالة تطال أكثر من13 ألف إماراتيا أي حوالي 6 بالمائة من الفئات النشيطة من الإماراتيين المقدرة بـ200 ألف نسمة.
وفي سنة 2002 بلغ عدد سكان الإمارات رسميا 3.75 مليون نسمة ضمنهم 80 بالمائة من الأجانب أغلبهم من الهند وباكستان وبنغلاديش والفلبين وسريلانكا.
وكان الشيخ زايد نفسه يعرب عن قلقه إزاء هذا الوضع ودعا في خطاب بمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لإعلان الاتحاد إلى معالجة الخلل في التركيبة السكانية للإمارات معتبرا أنه من أهم الظواهر وأكثرها خطورة على مستقبل بلادنا وهويتنا الوطنية
مضيفا: أن هذا الخلل ما زال يمثل حالة خطيرة تهدد استقرار مجتمعنا ومصير اجيالنا ولذلك فإن أعضاء المجلس الوطني الاتحادي (هيئة برلمانية استشارية معينة) حذروا مرارا من هذه (القنبلة الموقوتة) معربين عن الأسف إزاء إصرار الشركات الخاصة على استقدام اليد العاملة الآسيوية الزهيدة التكلفة والقابلة للاستغلال إلى حدود كبيرة.
وتعد الإمارات 450 ألفا من عمال المنازل (خدم وسائقين وعمال حدائق) أي حوالي ربع إجمالي عددهم في دول مجلس التعاون الخليجي الست وأكثر من نصف عدد خدم المنازل في المملكة السعودية التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة بحسب إحصائيات مؤسسات الجامعة العربية.
|