Thursday 4th November,200411725العددالخميس 21 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

(طاوع قلبك إبداع وإمتاع) (طاوع قلبك إبداع وإمتاع)

لم أكن أعرف الأخت ندى عويضة، ربما لأنها تنشر قصصها في بعض المجلات التي لا أتابعها، ولكنني بمجرد قرائتي لأول قصة من مجموعتها (طاوع قلبك) لم أترك المجموعة حتى أكملتها.
ولإعجابي الشديد بها أعدت قراءتها وحاولت التعليق على بعض المواقف الإنسانية والأفكار الناضجة التي حملتها هذه القصص، والتي بحق رغم قصر مادتها إلا أنها كبيرة موضوعاً وهدفاً، سهلة أسلوباً، مرحة ومسلية ومفيدة في وقت واحد.
ففي قصة (التجلي) أظهرت لنا كيف تهون الصغائر أمام لحظة التأمل في ملكوت الله وعظمته، فكيف إذا كانت هذه اللحظة والإنسان متعلق بأستار الكعبة المشرفة؟!
وفي قصة (رائحة الليمون) تتأسى على زمن السخاء والبساطة والطيبة والتسامح.
وفي (جعلني أدرك) قدَّمت صورة لطيفة لموقف يتكرر كثيراً في مجتمعنا مبني على الأخذ دون العطاء، التضحية ولكن من جانب واحد.
وفي القصة التي عنونت بها مجموعتها (طاوع قلبك) أعطت صورة بأن الطلاق لا يعني الفشل، بل ربما الطريق إلى النجاح في التجربة الثانية.
وفي (النوايا) قلبت الصورة التي وردت في (جعلني أدرك) مع ختامها على أساس قاعدة الجزاء من جنس العمل.
أما في (الجوهر) فقد قدمت صورة للمرأة المتزنة التي تقيس كل الأمور بعقلها وتهتم بالجوهر دون المظهر.
وفي قصة (على الرصيف) وردت عدة صور لمجتمع اليوم المتناقض، وأظهرت بعض الفوارق الواضحة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع، والصراع من أجل لقمة العيش.
أما في قصة (صورة من الحياة) فقد نقلت بعض تناقضات المجتمع المدني اليوم وتعلقه بالمظاهر والبعد عن العطف والرحمة ورعاية المحتاجين البائسين.
ونجدها في (اقتحام العقبة) تقدم صورة صعبة التطبيق، خاصة في هذا الزمن المادي والجشع وحب الذات.. ولكنها في نفس الوقت تحمل معاني سامية ومثلاً نبيلة يحتاجها المجتمع اليوم.
وفي (نور البيت) تصور لنا مشهداً من مشاهد الفراق الدنيوي الذي يتكرر وبصور مختلفة، ولكنه في النتيجة يؤدي إلى يقين واحد وأنه لا دائم إلا الله. وهناك صورة أخرى أكثر بلاغة في (غيابك).
أما في (ورقة شجر) فقد قدمت للقارئ عظة وعبرة بألاَّ تطغى أحلامه على واقعه، وألا يسيطر واقعه على أحلامه، بل يوازن بين أموره كلها قبل حلول فصل الخريف وتساقط ورق البشر ومثله عمر البشر.
وفي (الروح الحرة) قدمت صورة للإنسان الكريم الذي يرضى بكسب رزقه ولو يسيراً عن مد يده للناس رغم الحاجة الملحة. ومثل ذلك نجده في (عقود الفل) وبصورة متنوعة.
وفي (العالمة) تصور لنا كيف أثَّرت القنوات الفضائية والغزو الفكري على أطفالنا، ونقشت في نفوسهم صوراً مسمومة بمظاهر خادعة.
وفي (صحبة الألم) أوضحت أن الرضا بالقضاء هو الطريق إلى النعيم، وأن الإخلاص لله في كل الأحوال هو السبيل إلى الطمأنينة وراحة البال.
وفي قصة (الكتاب) تقدم مشهداً اجتماعياً يكثر مشاهدته، وتتعدد طرق علاجه، وقد صورته بإبداع، ونقدت سلبياته بوعي، وحبكته ببراعة ومهنية تدل على قدرتها القصصية المتنوعة.
وقد أبدعت في إثارة التساؤلات حول العلاقة بين الزوج وزوجته في (إن لم طوعا)، وأوضحت أن التفاهم والقناعة والحب المتبادل هو الأبقى والأنجح دون كل الوسائل الأخرى.
وندخل في تفاصيل مشهد من مشاهد التخفِّي بين الأزواج، حين تقدم لنا صورة بديعة ومتقنة لرجل الأعمال الذي يتظاهر بالانشغال عن زوجته وعياله بسبب ارتباطاته التجارية، وعندما تنكشف الصورة يسقط القناع، وتبدأ المشاكل والاختلافات، وتتفكك الأسرة في كثير من الأحيان.
وصورة أخرى أكثر صدقاً وملامسة لواقع المجتمع تقدمها ندى في قصة (أم العروس)، وكيف أن الطلاق ينسي الإنسان الكثير من الواجبات، ويقطع صلة الأبناء بوالديهم، ولكن تبقى الأمومة ماثلة للعيان، التسامح هو شعار كل أمٍّ، وسعادة الأبناء فوق كل اعتبار.
وفي قصة (المليونيرة) تقدم لنا صورة من صور المجتمع الاستهلاكي اليوم، متخذةً من الخادمة ذات الدخل القليل عبرة وعظة؛ حيث وفَّرتْ وَبَنَتْ وحقَّقتْ أحلامها الوردية.
أما في (وعود كاذبة) فهي تركز على الإهمال الحاصل في بعض جوانب الرعاية الاجتماعية من قِبَل المسؤولين وكثرة السؤال والبحث، ومن ثَمَّ الوعود مع قلة الوفاء الذي ينتج عنه انعدام الثقة.
في (البيوت العزيزة) تقدم لنا صورة من صور بعض المحسنين الذين لم تحجب الثروة والجاه عنهم صورة البائسين والفقراء والمحتاجين، وقد نذر نفسه ليقدم لهم طواعية المأكل والمأوى؛ شكراً لله على نعمته التي جعلته من أصحاب اليد العليا.
ولا تخلو قصة (الجميلة والبخيل) من موقف الطرافة والعظة والعبرة أيضاً، وإن حملت مبالغة في مضمونها، كما هي الحال مع قصَّتَي (الفراش)، (ودنيا معكوسة). ولعل الكاتبة أرادت أن تضفي مزيداً من المرح والضحك، وتنفِّس عن القارئ، ولكن مع المحافظة على الهدف، وهو نقل صورة مستوحاة من حال المجتمع وإن جرى تضخيمها بغرض إكسابها مزيداً من الاهتمام.
مرة أخرى، أُحس أنني لم أُعْطِ القاصة حقها من الثناء، ولم أتعمق في سرد ما يتعلق بإبداعها القصصي، وركزتُ على الهدف أكثر، فمعذرةً وأرجو لها مزيداً من التوفيق.

عبدالله محمد الموسى


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved