Thursday 4th November,200411725العددالخميس 21 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

مباراة مباراة
فهد الحوشاني

إنها ليست مباراة ودية بين فريق رياضي أمريكي وإسرائيلي تقام في إحدى الولايات الأمريكية، بل هي مباراة من نوع آخر وتأتي على طريقة الذهاب فقط فليس فيها إياب!! الفريقان لا يتقابلان وجها لوجه بل هي مباراة يتم فيها حصد النقاط مع اختلاف الملاعب.. صافرة البداية بدأت منذ سنوات ولم يزل اللاعبون يحصدون النقاط بطريقتهم الخاصة! في قانون هذه اللعبة الجديدة الهدف الذي يحققه أي فريق يحتسب نقطة لصالح الفريقين!! تقام المباراة على عدة ملاعب وللفريقين حق التنقل بسرعة لاختيار الملعب المناسب، فالفريق الامريكي يلعب في الفلوجة ومدينة الصدر وسامراء، والفريق الإسرائيلي يلعب في غزة وفي مخيم جباليا وجنين وما حولها من قرى.. اللاعبون يطلقون الرصاص من بنادقهم والصواريخ من طائراتهم، وبالرغم من ان قصف المدن محظور في (القوانين) الدولية الا ان اللجنة العليا المنظمة لهذه المباراة ربما (لزيادة الاثارة) والمتعة للاعبين سمحت بقصف المدن والقرى والتجمعات وحتى حفلات الزواج! والاهداف التي يتم التصويب عليها بشرية تتضمن الاطفال والنساء والرجال وكل شيء يتحرك؛ ابنية، سيارات اسعاف، كل هدف تتم اصابته يحتسب نقطة لمن يرمى.. تقاس جمالية الهدف بمدى كثرة الدماء وعدد الموتى وتناثر الاشلاء وارتفاع صراخ النساء الباكيات الثكالى ودموع الرجال المترقرقة حزنا على اولادهم التي هدمت بيوتهم على رؤوسهم ليلا! المباراة تتم تحت اسم هدف نبيل وشعار براق (قتل الارهابيين) ! والغريب ان القتلى والمصابين من (الارهابيين) يتم استقبالهم في المستشفيات الرسمية على انهم مواطنون ابرياء تعرضوا للقصف!! في السابق كانت الشعارات ترفع باسم البحث عن اسلحة الدمار الشامل.. بينما الان الهدف ملاحقة الارهابيين!
(ما أكثر الارهابين في العراق) حتى الان اكثر من عشرين الف ارهابي تم قتلهم وبقي ملايين منهم ما يزالون يزاولون اعمالهم في الزراعة والحرف والبحث عن لقمة العيش!! نفس التصريحات تتشابه كلها تبرر وكلها تتوعد بمزيد من الهجوم حتى نهاية المباراة التي يبدو ان متعة اللاعبين زادت من وقتها الاضافي وما زال الوقت مفتوحاً لهم، التشابه الكبير في اداء اللاعبين وخططهم ونوع الاسلحة وطريقة الهجوم جعل البعض يتكهن ان المدرب واحد والمخرج لتلك المشاهد واحد.. لو كانوا اكثر لاختلفت التصريحات وايضا احداث المباراة.. فالمشاهد التي تبثها القنوات هي من نوع المأساة التي لم يسبق لمخرج ان يخرج مثلها على مر التاريخ، كميات من المشاهد المرعبة حتى هتشكوك لم يحلم بمثلها.. انها مشاهد حقيقية لا يتسنى لمخرج ان يحصل عليها بمثل هذه المجانية! ما يحدث بين الفلوجة ومدينة الصدر وغزة وما يصاحبه من صمت عالمي لا يمكن الا ان يكون بداية (نهاية) عالم اوهمنا وملء رؤوسنا بشعارات التحضر والمدنية!! المتفرجون لتلك المشاهد بعضهم يصفق بحرارة ويقول (good) والاخر حزين يلوذ بصمت قديم يلتحف به، المباراة طويلة وسط حماس اللاعبين وهتافات المدربين والمخططين ويبدو انها لن تنتهي قريباً، فما زال هناك الكثير من الذخائر والافكار لا بد من اطلاقها!! وهناك ايضا الكثير من الاهداف لا بد من تحقيقها!
من على مدرج الدرجة الثالثة اسمحوا لى ان ارسل صورة من هذه المأساة الانسانية لنا جميعا ولجامعة الدول العربية و(لعيون) أمين عام الامم المتحدة المغمضة التي لم يفتحها الا لدارفور!!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved