Thursday 4th November,200411725العددالخميس 21 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الكتكوت الراقص..!! الكتكوت الراقص..!!
حسين أبو السباع

في أسواق الدول الفقيرة تجد بعض الأفاقّين ينادون: الكتكوت الراقص للبيع.. يتجمع المارة ليشاهدوا الكتكوت فيجدونه يرفع رجلاً وينزل أخرى ويرفع جناحاً وينزل الآخر.. ويتعجب الناس من رقص ذلك الكتكوت فيشتري البعض والبعض الآخر يكتفي بالفُرْجَة وبعضهم يكتفي بالتعجب.. وإذا بالذين اشتروا الكتكوت ودفعوا فيه مالاً كثيراً يجدونه فقد القدرة على الرقص بمجرد أن يذهبوا إلى بيوتهم يجدونه كتكوتاً عادياً لا يجيد شيئاً مثله مثل غيره من الكتاكيت.
تقصيت الأمر فعرفت أن هؤلاء البائعين يأتون بصفيح يشعلون تحته ناراً ثم يضعون الكتكوت فوق الصفيح فإذا بالمسكين يرفع رجلاً وينزل أخرى من حرارة النار ويجري هنا وهناك ويرفع جناحاً وينزل الآخر.. لم تكن حالته هذه رقصاً.. ذكَّرني ذلك الكتكوت بالرئيس الأمريكي جورج بوش ومنافسه جون كيري.. فكلاهما مثل الكتكوت الذي يقف على صفيح ساخن.. هما يظهران على أنهما يرقصان في حلبة السياسة والواقع أنهما وجهان لعملة واحدة ونحن مثل الجمهور المتفرج على الكتكوت.. البعض منا يكتفي بالفُرْجَة والبعض يتعجب والبعض يصوّت لبوش والآخر لكيري.. ونأمل في كل دورة انتخابية أن يذهب الرئيس الأمريكي ويأتي غيره أملاً أن يكف الجديد عن حربه ومساندته للصهيونية.. لكن تخيب كل الآمال حين نرى أن الأول مثل الأخير.. (لا فرق).. ننسى أو نتناسى أن الأمريكان يعملون وفق خطط مؤسسية طويلة المدى لا يهم مَنْ من الأشخاص يتولى الرئاسة.. نجد بوش يعلن وفق برنامجه الانتخابي قائلاً: (مواجهتنا مع الإرهاب ستكون حرباً طويلة تحتاج إلى عزيمة راسخة ولا بد أن نظل دائماً في موقع الهجوم)..
ويقول كيري: (لو كان الأمر بيدي لخضت حرباً أكثر ذكاء ضد الإرهاب). نلاحظ اتفاق الاثنين في فكر العدوان والحرب.. كلاهما يعلن الحرب لكن بطريقته الخاصة.. كلاهما سيكون موالياً للصهيونية.. ولن يكون أحدهما نصيراً للعرب ولا العروبة ولا الإسلام.. بل إن كلاهما يرى في الإسلام إرهاباً لا بد وان يحارب.. كلاهما يرقص فوق الصفيح الساخن.. كلاهما يريد التسيُّد على العالم.. يريد الحرب على الإرهاب.. ذلك المصطلح المطاطي الذي به أعلن بوش الحرب على العراق بدعوى حيازته لأسلحة الدمار الشامل والذي ثبت بطلان هذا الادعاء فيما بعد.. لا يزال بوش مؤيداً لشارون في كل تصرفاته تجاه الفلسطينيين العزَّل.. وعلينا ألا ننتظر من كيري في حال فوزه على بوش أن يكون معارضاً لشارون.. بل ربما يكون أكثر إيجابية في مساندته لإرهاب إسرائيل للفلسطينيين.. وإعمال القتل فيهم وإبادتهم في ظل خنوع العالم الإسلامي للهيمنة الأمريكية.
كل من بوش وكيري يعمل جهده للوصول إلى البيت الأبيض.. وكلاهما يعمل جهده أيضاً لينال من الآخر في انتخابات أمام الناس.. مناظرات.. اتهامات متبادلة.. وابتسامات صفراء.. ولا تزال الآلة العسكرية في العراق وفلسطين تقتل وتشرد وتبيد.. ولا نزال نرضى لأنفسنا أن نكون مثل الجمهور الذي يشاهد الكتكوت الراقص.. إما مخدوعاً.. أو مضحوكاً عليه.. أو متفرجاً أو متعجباً.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved