في مملكتنا نهضة مباركة في شتى النواحي ومنها الناحية التعليمية وقد امتدت هذه الناحية حتى شملت تعليم الفتاة لذا يجب ان تعد له العدة وتهيأ له الأسباب التي تجعله يحقق الأغراض التي دفعت إليه وان كان هذا التعليم النظامي حديث عهد في المملكة وجب أن يستفاد في وضع أسسه ومناهجه من تجارب الأمم التي سبقت اليه حتى تحصل الغاية التي تتوخاها المملكة مع المحافظة على أشرف ارث ورثته وهو الإسلام أكمل رسالة عرفتها الانسانية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها وأنا أعرف بعض النفوس قد يخدعها بريق خلب فيصرفها عن مقصدها دون تدبير وحسن فهم رغبة في التقليد ومجاراة لروح العصر الذي نعيش فيه بخيره أو شره.
الأمر ليس بالتقليد الأعمى ولكن بالروية وحسن الفهم وحسبنا في الدلالة على خطورته أنه يتعرض لمربية الاجيال ومن يقع عليها عبء النهوض بالاسرة وجعلها اكمل بناء اجتماعي لا يسلم المجتمع الأكبر إلا بسلامته وتماسكه وما يتبع فيه من مثل عليا وأخلاق كريمة ورجولة متأصلة وأنوثة عفة شريفة وكما قال الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبا طيب الاعراق |
وهنا نتساءل ونسأل ماذا نريد من الفتاة؟ لا شك ان الجواب على هذا هو أننا نريد منها أن تؤدي الوظيفة التي خلقت لها ونعني بها ان تكون الأم الصالحة وواحدة من أمهات المسلمين والسكن الذي يلجأ إليه الزوج ليجد عنده الفهم والراحة والوفاء والعفة وبهجة العين وريحانة الفؤاد وهذه وظيفتها في الحياة وتبعد المرأة عنها خداعا تدعو إليه المدنية الحديثة فتبهر به أبصار الذين لا يعلمون بل تعشى عيونهم عن الحق الصريح وفي ذلك جناية على المرأة نفسها وجناية على المجتمع الذي تعيش فيه.
أما المشكلة التي أحب أن أنبه إليها الأذهان فهي مشكلة من تتولى تعليم الفتاة فلقد واجهت المملكة مشكلة معلم المرحلة الأولى وكانت تعتمد على بعض الوطنيين وكثير غيرهم ولكنها تنبهت الى ضرورة توفير المعلم الوطني لتلك المرحلة حتى يكون أقدر على فهم الاطفال من أبناء وطنه وفهم لهجاتهم ومراعاة القيم السائدة في المجتمع والعادات والتقاليد ولمثل هذا يجب ان يفكر المسؤولون عن تعليم الفتاة في امر المعلمة الوطنية للمرحلة الأولى من تعليم البنت والتي تستطيع أن تحقق الغاية المنشودة منها ومما لا شك فيه ان في الاقطار العربية معلمات اعددن لهذه المهمة في بلادهن ففي هذه المرحلة التي تعتمد فيها المملكة على المعلمة التي تستقدمها من تلك البلاد يجب ان يحسن اختيارها بحيث تكون قادرة على مراعاة الأهداف المرسومة وان يكون لها من دينها وثقافتها وعلمها ما يحقق ذلك كله ومثل هذه المعلمة يجب ان يفكر القائمون بأمر تعليم الفتاة وتربيتها في المواصفات التي يجب ان تتوافر فيها من حيث الثقافة والمؤهل ومن حيث القيم والأخلاق والآداب ومن حيث الصفات الشخصية والاجتماعية وإلا يترك الأمر كله بيد من تحسن القراءة والكتابة.
عبدالعزيز المزيد الصالح |