نظم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لقاء مع عدد من المثقفين والمثقفات وكنت واحداً ممن تشرف بهذه الدعوة والحضور وقد تحدث الشيخ صالح الحصين عن أهداف الحوار الوطني وماهيته وبرامجه وأهدافه وأهميته وحث المشاركين في هذا اللقاء على النقاش الجاد والبناء مع الالتزام بالموضوعية وبمعايير الحوار وتحية للأستاذ فيصل المعمر على تحيته للحضور وسعي المركز لإشاعة ثقافة الحوار وترسيخ هذه القيمة المثلى بين أفراد المجتمع وحرصا منه على التواصل مع المثقفين والمثقفات في بلادنا لقد كانت ليلة مضيئة بالود والوضوح والشفافية وأمسية ندية جمعت صفوة خيرة من رجال الفكر ورواد الأدب والثقافة وصناع الكلمة وفرسانها فشكرا للمركز على دعوته لحضور هذا اللقاء والتواصل الأخوي المثمر وتبادل الآراء حول الحوار الوطني وأهدافه واستراتيجياته ضمن جهود المركز في تعزيز مسيرة الحوار الوطني واستعداداً للحوار المقبل في شهر شوال حول الشباب ولقد استمعنا إلى طرح الشيخ صالح الحصين رئيس اللقاء الوطني للحوار في بداية اللقاء عن تصوره حول الوطنية التي يسعى المركز إلى تنميتها لدى المواطن عبر مناقشة عدة محاور كالتخلف المعرفي والاقتصادي والإداري وهي تمثل سبباً ونتيجة كما أن التخلف في طريقة التفكير هو أكبر عامل في تخلف الأمم ثم أردف قائلا:
إن الفكر الذي لا يتميز بكونه تكاملياً شموليا يكون قاصرا ويؤدي للتخلف ومن هنا كانت قيمة الحوار وأهميته أن يتحول إلى عادة وأسلوب حياة لأن الحقيقة لها عدة زوايا والحوار قادر على تجليتها جميعا كما تحدث عن مفهوم الوطنية من الناحية التاريخية مشيراً إلى أن الوطنية في مجتمعنا الإسلامي هي وطنية إسلامية إنسانية تستمد روحها وقوتها من كونها امة ميزها الله بالإسلام وهو هويتنا كما أشار إلى أن الوحدة الوطنية هي جزء من هذه الهوية وهو مفهوم ينبذ التعصب والعنصرية كما ركز على رسالة المركز وأن يعمل على إشاعة فكرة الوطنية ومقاومة ومحاربة الغلو والتطرف ليصبح هذا هو السياج الحقيقي للوحدة الوطنية والعامل الهام في الإصلاح والتغيير للأحسن.
لقد كان حديث معاليه موضوعيا وجوهريا ثم فتح باب المداخلات والنقاش والأسئلة لعدة ساعات تداخل عدد كبير من الحضور والحاضرات اتسمت بالرصانة والموضوعية والملاحظات المفيدة والتطرق والتساؤل حول نتائج لقاءاته السابقة والواقع أني استفدت من هذا اللقاء حيث كنت قليل المعرفة بأحوال الحوار الوطني لكن هذه القلة فتحت لي الأبواب خلال ما سمعته في هذه الأمسية والاستماع إلى التجارب السابقة للحوار والمليئة والمكثفة وهنا تبدو أهمية نشر ثقافة الحوار وتفعيلها في المدارس والجامعات لتكريس ثقافة الحوار، لقد طرحت عدة أفكار وآراء ومداخلات متنوعة وقد أجاب عنها الشيخ صالح الحصين قائلا:
إن الهدف من الحوار الوطني ليس الاتفاق الكامل لهذا مستحيل ولكن الهدف أن يتعود المرء على سماع الرأي الآخر سواء اتفق معه أم لم يتفق.
لقد عشنا ساعات في رحاب هذا الجو الفكري المفعم بالود والوضوح والشفافية فهذا اللقاء امتداد لتعزيز مسيرة الحوار الوطني حيث أصبحت هذه اللقاءات منابر للفكر وواحة للتعبير في بلادنا التي تمتلئ دوما بكل ما هو جديد وحي مزدهر. كما أن الحوار يشكل تظاهرة حضارية تركت أثراً وتفاعلا إيجابيا ما كان لها أن تكون لولا دعم القيادة الرشيدة لهذه المبادرة الرائدة فهي خطوة إلى الأمام وينبغي كما قلت في الجلسة خلال اللقاء ألا ينتهي بإنهاء أيامه فهو يجسد مثالية العلاقة بين أبناء هذا الوطن والخروج من ضيق الرؤية إلى سعتها والمهم أن يكون متصلا ومنتظما وأن تتوالى الحوارات مع استكمال واع لمقوماتها حتى تبلغ أوج نضجها وأدائها واستكمال آلياتها، ومعنى هذا أن مرحلة الانطلاق الكامل كانت موفقة والمستقبل مليء ومفعم بكل جديد وما وصل إليه الحوار هو مرحلة على خط سير طويل.
إن قيام حوار وطني متعدد الاهتمامات يعلي من شأن الحوار ويحفظ التوازن ويحقق سنة التدافع والتداول ويتيح فرص التواصل واحترام المشاعر والمشاهد والآراء بل هو تواصل ترتقي فيه المفاهيم وتقصر به المسافات وتعلو به الهمم وتوفر البيئة الملائمة الداعمة للحوار.
لقد جمع الحوار في لقاءاته السابقة عدداً كبيراً على اختلاف توجهاتهم ليصبحوا نواة صلبة وعلامات تحدد الطريق بالرأي والفكر المستنير وكان دفء المحبة يغمر الجميع ويتوزع المتابع إحساسان الرضا عما كان لأن رياح الزمن تدفع موكب الحوار إلى الأمام والتشوق إلى مرافئ جديدة أبعد من تصوراتنا وسيبقى أي حوار بعيدا عن الاكتمال مهما بلغت درجة حرص القائمين عليه وما بين لقاء وآخر ننشد الكثير من التطلعات وصواب المنهج وبناء المستقبل فضلاً عن أن اسلوب الحوار من أفضل الأساليب التعليمية التي حث عليها الإسلام ودعا إلى الالتزام بها.
إن تختلف آراؤنا فقلوبنا
بهوى الحوار تهيم بل تتعلق
وبالجملة فالحوار وسيلة للتواصل والتآخي في حد ذاته وتعبير مؤثر تعززه لحظات الصدق والإخلاص والهدف الأسمى الذي ننشده لا تحققه الأماني بل يحققه العمل والفعل والرؤى السديدة والأفكار البناءة المفيدة والجهود المخلصة في تعزيز مسيرة الحوار الوطني وتحقيق أهدافه وإذا كان الحوار مطلباً حضارياً فإنه في هذا الوقت بالذات أصبح أكثر ضرورة وإلحاحاً.
إن الحوار فكرة متجددة في مسيرة الوطن وإيجاد أرضية جديدة للتواصل البناء بين أفراد المجتمع بما يزيد ويرسخ أواصر التقارب والوحدة الوطنية، وبمناسبة الحوار القادم عن الشباب فإن قضايا الشباب واحتضان الناشئة ناحية حيوية هامة حتى يأخذ وضعه المتميز ويعي رسالته ويوسع اهتماماته ويبتعد عن كل انحراف مع الاهتمام بالتأصيل المعرفي والثقافي لتفاوت المستويات وتعدد الاتجاهات واختلاف المفاهيم والمشارب الثقافية.
علينا أن نحاور الشباب وان نوفر المناخ العلمي والموضوعي وان نسعي لسد كل ثغرة نراها محيطة به دينا ودنيا ولتكن الرابطة بيننا وبينه عروة لا انفصام لها ومنهجا لا عوج فيه وبورك في الشباب الطامح
حفظ الله وطننا وأدام عليه نعمة الأمن والمحبة والتآخي والاستقرار والسير به إلى أوج المجد ومراقي العزة والكرامة والإصلاح والتوفيق.
|