قد تشتد علينا الرياح أحياناً، ويجوز لنا أن نتطاير في مهب الريح - إن صح التعبير -؛ فنكون أشبه بحطام سفينة غارقة أو بحطام طائرة ساقطة تتلاطم بها الأمواج وسط بحر عميق لا نشعر له بقرار!!
كل شيء من حولنا يدور في تلك اللحظة!! يجتذبنا ذلك الدوار إلى أعماق ذلك المجهول الذي نتهيبه ونخافه؛ لأن الإنسان يخاف المجهول بطبعه!! لنصبح كمن يبحث عن كومة قش أملاً في النجاة وهو في حلقة مفرغة لا يعرف أين الطريق إلى طرفها أو كمن هو في عمق زجاجة يبقى عاجزاً عن الوصول إلى عنقها!! ولكن..
ومن يتهيب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر
ضدان متناقضان.. صعود إلى القمم وظهور للنور، وخوف من المجهول يعيدنا إلى القيعان وبين الحفر، لنخلف النور فنبقى في حلكة الظلام.
حقاً قد تجبرك الأيام أحياناً على فعل شيء أنت لا تريده!! أو على الأقل أن تتفوه بما لم تقتنع به حتى وإن كان بنسبة ضئيلة!!
أجزم بأن الجميع قد دهمتهم تلك اللحظات العارضة ولو لحين؛ لأن الحياة هي كذلك وللكون تصاريف!!
ويبقى صناع القرار قليلين فهم كما عشاق المجازفة أيضا.. لكن.. هل لديهم القدرة على تحمل عواقب إخفاقاتهم عندما تتحول إلى نقم؟
لنقع نحن وإياهم في بداية النهاية الغامضة!! وما ذلك إلا لقرارات متهورة لا صلة لها بالحكمة والتروي التي أوصلتنا معهم إلى مصير عتيد سببها النظر القاصر الذي لا يتعدى الأنوف القصيرة!!
صور كثيرة هي التي تنتابنا.. وأحاسيس مخدوعة مضللة تساورنا فننحني لها مجبورين غير قابلين، وانحناء السنبلة للرياح أحياناً لا يعني بالضرورة انكسارها!!
ليتألق شعاع النفس من الداخل؛ ليظهر أكثر تألقا من ذي قبل؛ فنحن لا نتبرأ من أخطائنا بل نستفيد منها ونتعلم؛ لأذكر شيئاً من قول الفيلسوف: إن المصيبة لا تقتلني بل تزيدني قوة!
لتعد القرارات الصعبة غير مقلقة ولا نجعلها في الحسبان ونحمل أنفسنا ما لا تطيق بجعلها هموماً نحملها على عواتقنا أبد الدهر نتخبط فيها يمنة ويسرة!!
لقد كبرنا.!! وعلمتنا الحياة أموراً كثيرة كنا بالأمس نجهلها.. لقد تبنا من العجلة، واستحوذت أفكارنا الروية والحكمة فلم نعد نزن الأمور بميزان مضطرب.. لينفذ حسن التصرف والمسير ليكمل بعدله ما نقص من عمى البصيرة؛ باعتبار الحالات الطارئة ليست من فطرة الإنسان، ولا هي مخلوقة معه؛ لذا ينبغي علينا أن نجعل من تجاربنا وأخطائنا وزلات أبنائنا الطائشة فرصاً لإيقاظ العقول الخاملة التي دائماً تعاب عليها المرأة بقولهم: (إنها ناقصة عقل ودين).
|