القادم (الجديد) للبيت الأبيض

أياً كان القادم إلى البيت الأبيض فهو جديد حتى وإن شغل هذا البيت من قبل، فعملية الانتخابات هي بمثابة ولادة جديدة، كم أنها تشكل بداية أخرى ربما لسياسات قديمة، ومع ذلك فإن ذات الانتخابات قد تدفع بوجه آخر غير الساكن السابق.
هذه الانتخابات التي تشارك في التصويت فيها واحدة من أكبر الكتل البشرية تحظى باهتمام دولي منقطع النظير، فهي تجرى في دولة واحدة لكنها تستقطب اهتمام العالم، فالاعتبارات المتعلقة بأمريكا تستوجب هذا الاهتمام بدءاً من كونها دولة عظمى، بل الدولة العظمى الوحيدة، وتأثيراتها اللا محدودة على مجمل السياسات الدولية فضلاً عن الدور الاقتصادي باعتبار أنها تملك واحدة من أكبر الاقتصادات الدولية مع تبادل واسع النطاق في مجال التجارة مع مختلف أنحاء العالم.
لهذا وغيره فإن الآخرين في أنحاء العالم يتابعون هذا الشأن الأمريكي ويدفعون بتوقعاتهم الممزوجة بالأمنيات التي تفضل هذا الرئيس أو ذاك، وهذه النظرة ترتبط في المقام الأول بمدى التأثير الذي تمارسه الولايات المتحدة تجاه هذه الدولة أم تلك، وما تؤديه من أدوار في مختلف أقاليم العالم وتجمعاته السكانية.
ومن المهم الإشارة إلى أن الشأن العربي والإسلامي كان أحد محاور هذه الانتخابات, وأن أمور المنطقة كان لها دور مباشر في خيارات الناخبين وأنها ألقت بتأثيراتها القوية على سير هذه الانتخابات وذلك يكفي لأن يتم النظر إليها من قبل الرئيس الأمريكي القادم بما تستحقه من اعتبار.
فالتوجه بطريقة جادة إلى قضايا المنطقة من خلال الأخذ في الاعتبار تطلعات وآمال أهلها سيعين أولاً على تسوية المشكلات، كما يقدم للرئيس الأمريكي عوناً لا بد له منه في التصدي للكثير من المشكلات بما في ذلك الدولية بالنظر إلى الدور المرموق للعديد من دول المنطقة في كامل الشأن الدولي.
ففي الحملات الانتخابية وخلال يوم التصويت كانت الأنباء الفلسطينية والعراقية حاضرة بشدة بين جمهور الناخبين الأمريكيين الذين لديهم أكثر من 138 ألفاً من أبنائهم في العراق يتعاطون يومياً مع الخطر المتمثل في عمليات حربية واسعة النطاق اشتد أوراها مع اقتراب السباق الرئاسي الأمريكي من نقطة النهاية، وهو أمر لا بد أن تكون له دوافعه الانتخابية الأمريكية.
ويفيد الرئيس الأمريكي أن يستخلص من مجريات الحملة الانتخابية أصداء الأحداث التي واكبتها وكيفية تأثيرها على الناخب الأمريكي بما يعينه على التعامل مع منطقة بمثل هذا الثقل، وأن يكون الانحياز للعدل هو المحور الأهم في التحرك نحو المنطقة، حيث إن الافتقار إلى العدل وعدم النظرة الموضوعية المحايدة أديا إلى أن تتفاقم القضايا بهذا الشكل الموجودة عليه الآن.