ها هو المحارب الكبير والقائد الوحدوي المتميز يغمض عينيه ويلقي بعصاه جانباً ويغيب عنا إلى الأبد في وداع حزين يشوبه الشعور بالألم والتأثر لهذه الخسارة الفادحة..
فيما سنظل ما حيينا نتباهى بما أنجزه وبناه وشيده على طريق بناء دولة المؤسسات التي حفظت لسبع إمارات وحدتها وأمنها واستقرارها وتطورها، على مدى أكثر من ثلث قرن، كانت حافلة بالمنجزات الكثيرة التي ستظل محفورة في ذواكرنا..
يغيب الفارس الشيخ زايد بن سلطان بن نهيان عنا بعد أن أعطى لدولته ولشعبه ولأمته كل ما أعطاه من جهد مميز وعطاء لا يتكرر ولا يقوم به ولا يقدم عليه زعيم إلا بمن هو بمثل مواصفات هذا الزعيم الكبير وبقياساته في الحنكة والحكمة وبعد النظر والإخلاص..
ومع غياب هذا الرمز الكبير..
وتواريه عن أنظارنا..
واختفاء رأيه ولمساته بما ستكون عليه دولة الإمارات والدول العربية الأخرى في فتراتها المقبلة..
سنظل نذكر بالخير لهذه القامة الكبيرة ولهذه القيادة التاريخية الحكيمة كل ما قدمته وتميزت به وتبنته وساهمت من خلاله في تحقيق الرفاه وتكريس القيم وبناء مستقبل دولة بمثل ما هي عليه اليوم..
وهو إن غاب عنا..
مثل كل محارب فضل أن يستريح بعد أن اطمأن على نجاح تجربته الوحدوية..
فهو قد ترك لنا إرثاً غالياً يتطلب الوفاء منا للفقيد ويستدعي حبنا للوطن أن نحافظ عليه وأن نتمسك به وأن نستلهم منه الدروس لمواصلة البناء وتأصيل القوة وتحقيق ما لم يسعف الوقت الزعيم العربي الكبير تحقيقه قبل وفاته..
وما من أحد يمكن أن يختلف على تميز قيادة هذا الزعيم العروبي على مستوى دولته وحيث ما كان يتطلب الموقف منه أن يقوم بدور لأمته العربية والإسلامية..
فبحكمته وتدخله كانت تذوب الخلافات العربية العربية..
وبدعمه ومواقفه كان يحول دون الكثير من الأعاصير المدمرة التي كانت تستهدف مرتكزات القوة في دولنا..
يده كانت ممدودة للجميع بسماحة ومحبة ورجولة وفروسية..
وهو بذلك لا يعد ضرورة تتطلبها المصلحة العليا لدولة الإمارات ولكنه كان المرجعية المناسبة لأمته العربية والإسلامية..
وستظل تجربة وحدة دولة الإمارات لصيقة بتاريخ زعامة الشيخ زايد للدولة التي امتدت لثلاثة وثلاثين عاماًً..
وسيبقى الثاني من ديسمبر لعام اثنين وسبعين الميلادي علامة مضيئة في التوثيق النزيه والمنصف للتجارب الوحدوية على مستوى العالم العربي..
وستتذكر سبع إمارات بكل شرائح مجتمعها هذه الحقبة المشعة في تاريخ زعامة الأب الروحي لها..
إنها ومضات مليئة بكل ما يمكن أن يسجل للفقيد الكبير من عطاء خيَّم خيره ليس على دولته ولكنه خيَّم على كل أمته الكبيرة ووطنه الواسع..
فلنحزن جميعاً..
ولا بأس أن نتألم..
فالخسارة كبيرة..
والفقد جسيم..
رحم الله الشيخ زايد بن سلطان.
|