Wednesday 3rd November,200411724العددالاربعاء 20 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

شاعر مصري يرى أن قصيدة النثر مؤامرة شاعر مصري يرى أن قصيدة النثر مؤامرة
الأبنودي: أنا خجول وأعبر عن عشقي للمرأة على الورق

* عمان - الجزيرة - خاص:
اعتبر شاعر المحكية المصرية عبدالرحمن الأبنودي أن قصيدة النثر هي مؤامرة، وأن من يكتبون هذا النوع إنما يكتبون (خزعبلات)، وقال صاحب (يا بيوت السويس)، (يا بلدنا)، (صباح الخير يا سينا) الذي جاب البلاد طولاً وعرضاً وغاص في أعماق التراث ليخرج لنا بالسيرة الهلالية إنه كان فارساً من فرسان الغرام والعشق ولكن على الورق وفي الأغاني فقط، وهو الذي عاش ألم الثورة والحرب والنكسة، فأبدع في كتابة الأغنية الرومانسية والأوبريت الغنائي والرواية.
وزحف من أعماق الصعيد المصري إلى فضاءات القاهرة ليصبح اليوم أحد ألمع نجوم شعراء المحكية.
الأبنودي الذي ما يزال يعزف بكلماته على جرح فلسطين وجنوب لبنان وبغداد، وهو الشاعر الرقيق الذي ما برح يدهشنا عندما يتكلم بتلقائية الصعيدي، عن الحب وطين الأرض والعشق، صدر له العام الماضي وقبيل الحرب على العراق (مرثية بغداد) وكأنه أراد أن يكون الأول الذي ينعي سقوطها وخرابها.
(الجزيرة) التقت (الأبنودي) حول رحلته مع الشعر والحب والسياسة وهموم الكتابة وتالياً الحوار مع صاحب (الموت على الإسفلت) الذي كرمته وزارة الثقافة المصرية قبل أيام بقرارها إنشاء متحف في مدينة (قنا) باسمه يضم كل مخطوطات أشعاره ودواوينه وأغنياته ومقتنياته الشخصية:
عبدالرحمن الأبنودي
* كنت أحد أهم فرسان الأغنية الوطنية أين أنت منها الآن؟
- هذا صحيح، فقد كتبت للعندليب وحده أكثر من عشرين أغنية وطنية، إن تلك الأشعار كانت وليدة مناخ سياسي مختلف، كانت مصر وقتها تخوض معركتها الحقيقية مع التنمية الداخلية ومواجهة الاستعمار والصهيونية، وكانت العاطفة آنذاك اسمها (الوطنية) لقد كتبت (موال النهار) ثم درت في البلاد أقرأ أشعاري، ثم كتبت ملحمتي (وجوه على الشط) عن هؤلاء الفلاحين الذين رفضوا الهجرة وأقاموا في أرضهم تحت وابل الرصاص والصواريخ.
من تلك المناخات كانت هناك أغنيات وطنية حقيقية، أما الآن فهي بلا مضامين حقيقية، إنها مجرد أغنيات إنشائية وصفية ليس إلا!!
* ما قصة قصيدة بغداد؟
- قصيدة (بغداد) كتبتها قبيل العدوان الأمريكي على العراق بأسابيع، وهي سجل كامل لما حدث في العراق، بعد ذلك فإنك على ظهر غلاف ديوان القصيدة سوف تجد كلمات تشي بأنها (مرثية)، استبدل فيها النواح بالكلمات، فكان الرثاء لبغداد حقيقياً استشرافياً لعالم ينتهي، ويدمر نفسه بيديه نتيجة التسلط والجشع والاستقواء.
* لماذا اخترت أن تكون أحد شعراء العامية؟
- العامية هي ذاكرة الأمة، وهي لغة البسطاء والفقراء والفلاحين و(الغلابة) وأيضاً هي لغة تحوي الفكر الذي يتحول إلى رغيف خبز تتناوله كل طبقات الشعب.. وبالمناسبة هي لغة تحمل في جنباتها موروثاً هائلاً ومخزوناً مهماً من مفردات وفلكلور الشعب.. وأشير إلى أن اتجاهي للعامية ليس من باب ضعف أو استسهال، فقد بدأت كتابة الشعر بالفصحى، فالعامية حملت لنا الشعر الشعبي الذي يطلق عليه الفلكلور والزجل والغناء.. ومن ثم في النهاية فهناك جيوش من الأميين الذين لا يمكن تركهم بدون معرفة.
* معظم شعراء العامية تعرضوا للمطاردة والسجن لماذا؟
- لسبب بسيط أنهم كلهم ارتبطوا بكفاح الشعب والأمة.. واختاروا الدفاع عن أحلام الناس في عدالة حقيقية.. ولأننا ذاكرة الأمة.. ولأننا نضبط من خلال الكلمة متلبسين بحب الناس.. تتم مطاردتنا من قبل السلطة وأنا واحد منهم إلى جانب عبدالله النديم وبيرم التونسي وسيد حجاب وأحمد فؤاد نجم وآخرين...
ولكن دعني أقول لك إن كل ذلك لا يساوي شيئاً مقابل حب الناس وتراب الوطن من أجل الحرية.. ولعلمك من أجمل أيام عمري هي تلك الفترة التي قضيتها في السجن.. لأنني بداخله اكتشفت قاع وعينا وضميرنا وقاع قدراتنا..
وخرجت في النهاية منه بتجربة فريدة واستثنائية عن معاناة الإنسان.. حيث إن المعاناة هي التي تصنع الإبداع الحقيقي، ففي السجن ألفت كتاباً اسمه (أحمد إسماعيل) وهو رواية بالشعر وأعتقد أنه تجربة فريدة في الشعر العامي فكيف لا أكون مديناً لتجربة السجن بشيء.. يكفي أنها منحتني هذا الكتاب وهو سيرة إنسان مظلوم.
* قلت يوماً إن كتابة قصيدة نثر عامية بمثابة مؤامرة؟
- إن الشعر شعر والنثر نثر.. وأرى أن من يكتبون الشعر بطريقة النثر إنما يكتبون (خزعبلات).. لأنهم بذلك انفصلوا عن أحلام الناس وهمومهم.. وهذه هي الكارثة حيث لم نسمع عن شاعر جديد منذ رحيل (أمل دنقل)، أما من يكتبون الآن بلغة واحدة وبنفس المعنى والمضمون تحت دعاوى الحداثة وقصيدة النثر إنما يقومون بمؤامرة لإفساد الشعر وإفساد عقول الجيل الجديد..
المشتت بين الماضي والحاضر ويعيش وضعاً لا يحسد عليه.
* عرفت بالتزامك الشديد نحو قضية فلسطين.. كيف ترجمت ذلك؟
- لقد خرجت إلى الحياة مثل أي إنسان عربي.. أمام قضية مركزية كبرى هي قضية شعب فلسطين.. القضية التي شكلت وعينا وشعرنا وثقافتنا وطموحنا في التحرر والخلاص.. وقد ترجمت غضبي.. من خلال ديواني (موت على الإسفلت) المنشور العام 1982، وهو يحمل كامل وجعي كعربي على كل فلسطيني يستشهد من أجل حبة تراب من أرضه.. لم نكن ننتظر الانتفاضة حتى نزايد عليها بأشعارنا.. بل نحن فلسطينيون قبل أن يولد أبناء الانتفاضة الحالية والماضية عبر ثورات أبناء فلسطين، وأقول حين أرى فلسطين اليوم يحدث لها ما يحدث.. وانصراف الأمة بعيداً وكأن ما تتعرض له يحدث على أرض أخرى.. فإنني مضطر لحمل كلماتي لكي أتوه في أنحاء الخرائط العربية من أجل (صحوة).. في عالم نائم.. صامت.
* قيل إنك خجول جداً أمام النساء؟
- أنا لم أكن يوماً مثل (كازانوفا) أو (فالنتينو) كما يدعي البعض من الأصدقاء.. وما أزال ذلك الإنسان الصعيدي البسيط الذي يخجل من النساء..
ولكن يسعد بوجودهن في أي مكان.. فهن نصف الدنيا.. وهن الملهمات.. والرمز الكبير.. والأرض والعطاء والحلم.. والتاريخ.. في الصعيد وكما تعلم لا يمكن أن تنشأ بينك وبين أي فتاة علاقة عاطفية من النوع المعروف في المدن الكبيرة.. ومن هذه الخلفية والمناخات وثقافة (العيب) خرجت إلى المدينة وعشت تجارب عاطفية مريرة.. لكنها لم تخلف ضحايا.. ولو لم أكن خجولاً فعلاً.. فهل يعقل أني أقدمت على الزواج وأنا في الخمسين؟؟


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved