ثلاثة وعشرون عاماً مضت على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود لمقاليد الحكم حيث قاد حفظه الله سفينة بلد شاسع واسع مترامي الأطراف وحمل على عاتقه أمانة حفظ البلاد وصونها وتنميتها وازدهارها والنهوض بها في زمن قياسي واستثنائي أفرح الأصدقاء وكاد الأعداء في نحورهم، وواصل أيَّده الله المسيرة الرحبة المباركة نحو آفاق التنمية وشمولية العطاء لكل مناحي الحياة المرتبطة ارتباطا وثيقاً بالمواطن السعودي الذي مثل رأس الرمح في كل الأهداف التي رمى لها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله منذ أن نال ثقة العائلة المالكة الكريمة والشعب السعودي بكافة طوائفه وجميع شرائحه، وشهدت بعد ذلك المملكة العربية السعودية بتوفيق من الله ثم إخلاص ولاة الأمر إنجازات قياسية في عمر الزمن القصير تميزت بالشمولية والتكامل في تشكيل ملحمة عظيمة لبناء وطن وقيادة أمة خطط لها وقادها بمهارة متناهية واقتدار حكيم مليكنا المفدى فهد بن عبدالعزيز أطال الله في عمره وجعله ذخراً للمملكة خاصة وللأمتين الإسلامية والعربية بصفة عامة.
ومنذ أن تمت مبايعته حفظه الله سعى سعياً حثيثاً وقد وفقه اللطيف الخبير في ذلك حيث برز عهده بسمات الحضارة والمدنية التي جسَّدت ما اتصف به الفهد من صفات متميزة لعل أبرزها تمسكه بكتاب الله وسنّة رسوله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وقد تفانى رعاه الله في خدمة وطنه ومواطنيه وأمته الإسلامية والمجتمع الإنساني بأسره.
وواصل المليك المفدى المسيرة الخيرة المباركة ودخلت المملكة في وقت وجيز ضمن منظومة الدول الكبرى بفضل ما توافر لها من إمكانات مادية وبشرية وقدرة إدارية رائعة ومخلصة مكنتها من الاستفادة من كل هذه المدخرات وطوعتها لصالح المواطن السعودي الذي بادل قيادته حباً بحب ووفاء بوفاء، فسعدت البلاد بنهضة تعليمية رائدة بنى أساسها الفهد عندما كان أول وزير للمعارف ثم رعاها برعايته عندما تولى مسؤوليات الحكم فاستصحبت معها كل متطلبات العصر الحديث من تقنية ومعلوماتية وضعت المملكة في مصاف الدول المتقدمة أضف إلى ذلك النهضة الصحية لتي توافرت من خلالها المشافي والمراكز الصحية في كل رقعة من رقاع المملكة المترامية الأطراف ووفق أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا الصحة في العالم، كما شهد قطاع الطرق والمواصلات نهضة كبيرة لم تقتصر على المدن الكبرى والصغرى فحسب بل شملت المناطق الجبلية الوعرة والمزارع النائية لتصبح الطرق شريان النهضة الحديثة للبلاد. وهكذا الحال في المجال الزراعي حيث يحظى المزارعون بدعم غير محدود ضمن برنامج طموح يهدف إلى الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء عبر تخطيط طويل الأجل.
وفي المجال الثقافي أصبحت المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز منارة شامخة وموئل أفئدة المثقفين من كل حدب وصوب.
وقبل ذلك كله شهد عهد الفهد صدور الأنظمة الأساسية للدولة وعلى رأسها النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى ثم ها هي الانتخابات البلدية على الأبواب لتكتمل منظومة البناء الإداري للدولة الحديثة في ظل رعاية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله. إن ذروة سنام هذه النهضة الخيِّرة هي أن خادم الحرمين الشريفين وفقه الله قد أدرك الخصوصية التاريخية والمكانية لهذه البلاد حيث أسست على أساس ديني وتحتضن مهبط الوحي ومنبع الرسالة ومأوى أفئدة المسلمين فأولى المليك المفدى كل اهتمامه بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وقد ظهر ذلك جلياً في حرصه على أن يحمل لقب خادم الحرمين الشريفين وتجسَّد في التوسعة الضخمة التي شهدها الحرمان الشريفان في عهده الزاهر حتى أضحيا تحفة إسلامية رائعة مكنت الجموع الغفيرة من الحجيج والزوار والمعتمرين من التمتع وأداء النسك والعبادة بأيسر ما يكون، ولا ريب أن المشروعات الجبارة في المشاعر المقدسة مما يجب أن يشار إليه ببنان الشكر والعرفان من كل منصف. وعندما أوغرت صدور الأعداء الذين ما فتئوا يتآمرون على المملكة بقصد إعاقة مسيرة التنمية والنهضة والهناء ونتج عن ذلك التغرير بالشباب ودفعهم إلى الإخلال بأمن المملكة وتنفيذ الأعمال الإجرامية، ولكن خابت ظنونهم، فقد اصطدمت تلك الأفعال المشينة بصخرة الحكمة والثبات وردع المتآمرين والنهج السليم والقويم الذي تتبعه المملكة، الأمر الذي لم تستطع معه جرثومة الإرهاب ولوثة الخيانة البقاء في هذه الأرض الطاهرة فاندحر الأعداء من حيث أتوا وتساقطت رؤوس الأفاعي شيئا فشيئاً وكلما تقطعت أوصال الفئة الضالة ازداد المواطن يقيناً وثباتاً وتمسكاً بقيادته ودولته وحكومته الرشيدة.
إن هذه الذكرى المباركة وهي تعطر وجدان كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطاهرة تستوجب منا شكر المنعم عز وجل بأن يسَّر لهذه البلاد قيادة حكيمة وبأن سهَّل سبل تحقيق تلك الإنجازات الباهرة، حيث تمر هذه الذكرى العطرة كل عام والمملكة كلها في سرور وحبور واحتفالية بهية بها، ويبقى حجم الإنجازات في شتى مناحي الحياة مما لا نستطيع حصره وتدوينه مهما كتب الكاتبون وتكفينا الذكرى وعطر المناسبة وأريج الأيام الزواهر، ووسط هذا الفيض من العطاءات لا يسعنا إلا أن نقف وقفة تقدير وعرفان لحكومتنا الرشيدة وعميدها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظهم الله، وإلى كل من سار بركبهم الكريم، ونسأل الله أن يمدهم بجنود من عنده وبالقوة على مواصلة السير خدمة لدين الله وتحقيقاً لخير هذه الأمة، {فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (64) سورة يوسف، وإلى الفهد نبعث صادق مودتنا ممدودة نحو البرق داعين الله أن يمد في عمره وأن يجزيه خير الجزاء، وكل عام ووطن الجميع بخير ومزيد نماء.
عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
|