أرى ألواناً مشعة تصعد من فوهة جبل يعلو آلاف الأمتار عن سطح الأرض ودمار يحدث في كل شيء من حوله، ويخمد البركان وتبقى الحياة كما كانت ثم تمر الأيام أو ربما السنون ويعود مرة أخرى بكل ما يحوي معنى كلمة بركان.
الإنسان في غضبه أقرب ما يكون من بركان يخرج من فوهة جبل يدمر نفسه ويدمر من حوله حسب حدة غضبه.
المرأة هي أول من تقع عليه شظايا البركان أو الغضب ومدمراته هي أول من يحاول إصلاحها أو تفاديها؛ لأنها جبلت منذ بدء زواجها على تلقي النصح ممن هم أكبر سناً وأن تمتص غضب زوجها وتحاول إعادته إلى وضعه الطبيعي.
أليس هذا ظلماً؟ ألم يخلقها الله من نفس المكونات؟ ألم يجعل لكل منهما عقلاً به نفس الخصائص والوظائف وعرف ذلك من خلال تشريح المخ لكل من الرجل والمرأة؟
إذاً.. وقفة هنا؛ لنتذكر أن المرأة هي من تحتاج من زوجها إلى أن يحاول أن يمتص غضبها؛ لا لتميزها وإنما لما يجهله البعض من أن المرأة تمر في كل شهر بتغيرات في الهرمونات الأنثوية تجعل البعض عصبياً جداً والبعض الآخر من النساء تشعر بشيء من الاكتئاب؛ فأيهما يستحق أن ينال امتصاص الغضب؟ أيضاً لا نبخس هنا حق الزوج على زوجته في مراعاته في سن (الخمسين) وهو أيضا بدء تغيير الهرمونات عند الرجل وما يتبعه من نقص في الهرمون الذكوري مما يزيد من عصبية الرجل وتوتره، والآن وبعد أن عرف السبب فعلى كلا الطرفين مراعاة بعضهما البعض هذا في مجال الأسرة.
نحن الآن في شهر رمضان الكريم شهر التسامح والعفو والمساعدة نجد كثيراً من حالات الطلاق أو الخلاف وخصوصا ما قبل الإفطار والسبب موجود دائماً (اللهم إني صائم) أهذا مبرر أن يتحول شهر الفضيلة إلى شهر تكون فيه الرذائل ويكون فيه آثار الغضب؟
إن الغضب ليس موضة جديدة فالغضب منذ القدم ولكن تخلى الإنسان عن اتباع ما أمر به ديننا الحنيف من مراحل يسلكها الغضبان حتى يهدأ وينطفأ البركان، سواء في رمضان أو في أيام السنة، وهي تبدأ بالاستعاذة من الشيطان ثم بالوضوء ثم تغير وضعه، وهذا ما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - المهم هنا ألا نعطي لأنفسنا مبررات للغضب وألا نحمل شهر رمضان ما هو بريء منه.
أتمنى أن يتذكر كل شخص أن الغضب له أضرار على النفس لا تعدّ ولا تحصى ويكفي تعرض الشخص لكثير من الجلطات الدماغية أو القلبية وأيضا آثاره المدمرة على كل من هم حول هذا الشخص الغاضب، كم من شخص نتج عنه الكثير من التصرفات التي لا يرضاها ثم ندم بعد فوات الأوان!
قيل إن الغضب نوعان مكتسب ووراثي فلنحاول السيطرة على ما هو مكتسب والتحكم فيه ألا وهو الغضب، ونتذكر قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (ليس الشديد بالصرع ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب) ولنجعل الحلم وضبط النفس في التصرف سمة من سمات أنفسنا، سواء في حياتنا الأسرية أو الاجتماعية.
ولنبدل الجبال الجليدية بالجبال البركانية، ونذيبها لتبرد قلوبنا وتهدأ وتغسل غضبنا؛ لتصفو حياتنا.
|