لابد لأي حملة انتخابية من غطاء شرعي يبررها ويسوغها ويعطيها المنهج الفكري الذي تقدم من خلاله الوعود والتبريرات والآمال والطموحات للمنتخبين، وليس هناك من غطاء شرعي يبرر ويسوغ لحكومة المحافظين الجدد في البيت الأبيض أفضل من غطاء مكافحة الإرهاب فهو وحده الذي من شأنه أن يخلق (فوبيا) سوداء تلغي المنطقية والعقل وتستبدلها بأي من الطرق المتاحة لتجنب الكوارث المتوقعة.
وفي الأسبوع الماضي وبينما أنا أتابع خطاب الرئيس الأمريكي في إحدى رحلاته الانتخابية، أشار المذيع بأن طائرتي F-16 قد تصدتا لطائرتين غريبتين كانتا متجهتين نحو الاستاد الرياضي الذي يلقي فيه الرئيس الأمريكي خطابه!!
أنا أعلم أن القائمين على الحملات الانتخابية يمتلكون الكثير من الأفكار الغريبة وغير المألوفة لصنع هالة أو ما يسمونه image يستطيع من خلاله الحصول على رضا شعبي للناخبين، هذه الهالة قد تتدخل بها طريقة الحديث والإجابة عن الأسئلة، أو ارتداء الثياب، أو تحية ومصافحة الجمهور، ولكن أن يتفتق دماغ منظمي الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي عن هذه الفكرة الهوليودية العجيبة التي تبرز من خلال طائرتين تهددان خطاب الرئيس فهذا بحد ذاته عجيب ومميز ويوحي بالآفاق التي من الممكن أن تصل إليها الحملات الانتخابية، ولاسيما أن منظر الطائرات المهاجمة بعد 11 سبتمبر بات الكابوس الذي يفسد منام جميع الأمريكيين وهو الرعب الذي من الممكن أن ترتكب الإدارة الأمريكية من خلاله ما تشاء لدفع شر محتمل عن أمريكا، فبعد انتهاء الحرب الباردة لم يعد هناك من رعب نووي من الممكن أن توظفه المؤسسة العسكرية في الولايات المتحدة لتمرر من خلاله جميع مشاريعها التوسعية في أنحاء المعمورة، ولكن أصبح مشهد برجي التجارة العالميين وهما يتهاويان في منهاتن، الصورة التي ستظل عنواناً للكثير من الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة ولأجيال طويلة قادمة، بعد القصف الأمريكي الأخير للفلوجة قال الرئيس الأمريكي في إحدى خطاباته، سننهي الإرهاب وندمره في حواضنه وجذوره، ولن ننتظر حضوره إلينا، ونعود إلى قضية الطائرتين اللتين حلقتا فوق الرئيس الأمريكي وهو يلقي خطابه، طريفة ونادرة، وتوحي بأن منظمي انتخابات الرئيس الأمريكي، من موظفي العلاقات العامة خريجي مدارس هوليود.
|