Tuesday 2nd November,200411723العددالثلاثاء 19 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

شيئ من المنطق شيئ من المنطق
وا تعليماه.. أين المشكلة؟
أ.د مفرج بن سعد الحقباني

فاجأنا البرنامج الرمضاني الشهير (طاش ما طاش) بحلقة من حلقاته الجادة التي تناقش قضية مهمة جداً لواقع ومستقبل أبنائنا وبناتنا عندما تعرض للتعليم وما يدور داخل الفصل من حوارات جانبية لا تتسم بالمنهجية ولا تتفق مع تعاليم ديننا الحنيف والسياسات التعليمية والتربوية التي تحددها الجهات التعليمية والتربوية وعلى الرغم من جدية الحلقة إلا أنني توقفت كثيراً عند الكيفية التي تم من خلالها اختزال مصائب التعليم في هذه القضية التي لا ننكر وجودها على الرغم من قناعتي الشخصية بعدم تحولها لظاهرة خارجية أثرت سلباً في سلوك البعض منهم، وصحيح أن بعض المعلمين لا يتوقفون عند حدود قدراتهم العلمية والفقهية، ولكن أيضاً لا بد ان نعي أن المدرسة التي درس فيها هؤلاء هي ذات المدرسة التي تخرج منها الملايين من الطلبة الأسوياء الذين خدموا وما زالوا يخدمون وطنهم بكل اخلاص وتفان وأن ذات المعلم هو المعلم الذي درس وعلم بقية الطلبة في الصف ومع ذلك ظلوا أسوياء مخلصين لدينهم ووطنهم.
إذاً أين المشكلة؟ على الرغم من كون المجال غير مناسب لتناول كل ما نعتقد بأنه يشكل المشكلة، إلا أنني على قناعة بأن المشكلة لا تكمن في المعلم وحده ولكنها نتيجة تفاعل العديد من العناصر التي خلقت بيئة مناسبة لتولد الفكر المنحرف والطالب المناسب لتقبل هذا الفكر وتنفيذ معطياته على أرض الواقع وحتى تكون الصورة واضحة أكثر، تعالوا معاً نتصفح مناهجنا التي تئن من الحشو الممل البعيد كل البعد عن شحذ مقومات التفكير المنهجي الذي يركب الأمور مع بعضها في اطار منطقي سليم.
وتعالوا نتعرف على أساليب التعليم المتبعة التي ظلت تفتقر للوسائل التعليمية المناسبة التي تؤهل المدرسة لتكون مدرسة تفكير لا مدرسة حفظ وتلقين، وتعالوا أيضاً نطلع على واقع المدرسة والفصل والمكتبة والمعمل والساحات المدرسية وغيرها من متطلبات التربية المنفتحة التي لا تتفق أبداً مع تطلعات مسؤولي التربية والتعليم فضلاً عن سائر المواطنين وأولياء الأمور.
وإذا أضفنا إلى ذلك أن وزارة التربية والتعليم تتلقى مع الأسف مخرجات التعليم العالي التي تفتقر للتحصين الجيد والتعليم المتقن ومع ذلك تجد نفسها ملزمة بالتعامل مع هذا المخرج كمعطى لا تستطيع التخلص منه بسهولة بحجة كونه مواطنا له حق العمل كغيره من المواطنين. فإن من العدل ان نقول إن واقع التعليم لدينا لا يرضي احداً وان وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية ووزارة التعليم العالي هي ايضا مسؤولة بجانب وزارة التربية والتعليم عن تردي هذا الواقع فإذا كانت وزارة التربية والتعليم مسؤولة عن تأخر الاستعداد للعام الدراسي، وعن إقرار اللغة الانجليزية في المرحلة الابتدائية دون ان تستكشف مقدرتها المستقبلية على تأمين المعلم الجيد. وعن ضعف الرقابة الداخلية خاصة في المدارس البعيدة عن الأنظار، فإنها قطعا ليست مسؤولة عن تردي المباني المدرسية. ولا عن تأخر تعيين المعلمين والمعلمات ولا عن ضعف مستوى المعلمين الذين لا يجيد بعضهم كتابة البسملة بشكل صحيح فضلاً عن اجادته مضامين النصوص الشرعية والقوانين العلمية ومن هذا المنطلق اجد أن (طاش ما طاش) قد طاش مع الهجمة الاعلامية التي تتعرض لها وزارة التربية والتعليم واختزل مخطئا مسؤولية تردي الواقع التعليمي ورماها بحملها الثقيل على عاتق هذه الوزارة متناسياً الدور المؤثر للوزارات الاخرى التي قد يكون لها الدور الأكبر تأثيراً في صناعة البيئة الملائمة للتربية والتعليم.
اقول إن سلوك الفرد يتشكل تدريجياً تحت رقابة الأسرة وعندما تغيب هذه الرقابة تكون الفرصة متاحة للمعلم السيئ والصديق السيئ لتغيير مسار هذا الفكر وهذا السلوك باتجاه أهداف قد لا تتفق مع الأهداف الاسرية والوطنية والشرعية وهذا - في اعتقادي - ما حدث لأبنائنا عندما تربوا في احضان الفتنة بعيداً عن الرقابة الأسرية المنشودة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved