من هذه الديار المقدسة انطلقت الدعوة إلى التضامن الإسلامي.. ومن هذه الربوع الطيبة انبثقت فكرة المؤتمرات الإسلامية.. وارتفع صوت الفيصل يدعو إلى وحدة إسلامية شاملة.. وذلك بعد أن أحس جلالته بخطورة الموقف ووجد أنه لا غنى عن الجهد الجماعي في الدفاع عن مقدساتنا التي هي مجال أطماع الصهيونية والشيوعية والاستعمار.. خاصة وأن أكثر من كارثة قد حلت بالمسلمين ومقدساتهم.
واليوم ومؤتمر جديد من مؤتمرات وزراء خارجية الدول الإسلامية يعقد في جدة.. يحق لهذا البلد أن يفتخر بأن دعوة رائد التضامن الإسلامي قد حققت ما كان متوقعا لها من نجاح في توحيد الكلمة، وجمع الشمل لأكثر من مائة مليون نسمة من المسلمين.. إذ إن هذه المؤتمرات ثمرة من ثمار الدعوة الخيرة التي تبناها الفيصل المعظم.. والتي بفضلها انعقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط ثم هذا المؤتمر وما سبقه من مؤتمرات على مستوى وزراء خارجية الدول الإسلامية.
ومن الواضح أن أهمية هذه المؤتمرات الإسلامية يدركها المرء من واقع كونها التجسيد العملي الصحيح للوحدة الاسلامية الشاملة، والملتقى الأرحب والأجدى لمواجهة التحديات والأطماع التي توجه الى الاسلام عن طريق الاجماع في اتخاذ التدابير الكفيلة بصدِّ ذلك الى نحور أعداء الاسلام والإنسانية من شيوعية وصهيونية واستعمار.
ولعل نظرة سريعة على بعض ما أدرج في جدول أعمال المؤتمر الثالث لوزراء خارجية الدول الاسلامية الذي سيعقد أولى جلساته هذا اليوم في جدة.. تعطينا ضوءاً أكثر عن أهمية هذا المؤتمر. إذ إن اقرار ميثاق الأمانة العامة الإسلامية وانشاء وكالة أنباء إسلامية واقامة بنك انماء إسلامي وفتح مراكز للثقافة والتوعية الاسلامية- وهي بعض ما أدرج في جدول الأعمال - جزء مهم وخطوة ثابتة في مشوارنا نحو توحيد الكلمة وجمع الشمل كبداية صحيحة لتصحيح الوضع الاسلامي واعادته الى ما كان عليه.
إن جلالة الملك فيصل المعظم وهو يفتتح مؤتمر جدة الإسلامي هذا اليوم دلالة على أهميته.. إنما يفتتح قوة كبيرة تجمعت بفضل دعوته لتدرس وتقرر أسلوب الدفاع عن الإسلام والمسلمين.
|