في مثل هذا اليوم من عام 1954 أصدر مجلس الشيوخ الأمريكي توبيخا للسيناتور جوزيف ماكارثي الذي قاد حملة شرسة لمطاردة السياسيين والفنانين والكتاب والمفكرين في الولايات المتحدة بتهمة اعتناق الفكر الشيوعي.
وكانت السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية وتنصيب الاتحاد السوفيتي نفسه كقوة عظمى تعمل على نشر الفكر الشيوعي في العالم قد شهدت اجتياح حمى الرعب من الشيوعية دوائر الحكم والسياسة في واشنطن.
استغل جوزيف ماكارثي هذه الأجواء لشن حملة شرسة للتشهير بكل من يعارض أفكاره واتهامه بالشيوعية. وقد دخلت تلك الظاهرة المظلمة التاريخ الأمريكي تحت اسم (الماكارثية) وتم انتخاب مكارثي عضوا بمجلس الشيوخ عام 1946، ولكنه لم يلفت الانتباه على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية قبل التاسع من فبراير عام 1950 عندما ألقى بخطابه الشهير في مقاطعة هويلنج، غرب فرجينيا حيث ادعى أن لديه قائمة مكونة من 205 أشخاص شيوعيين استخدموا بواسطة وزارة الخارجية في صنع السياسة الخارجية.
وعبر السنوات الأربع التالية، كانت اتهامات مكارثي المتلاحقة للعديد من المساكين ممن وقعوا في قبضة يده بالتجسس لحساب الشيوعيين والتأثير في صناعة السياسة الأمريكية تحتل مكانا ثابتا في نشرات الأنباء وعناوين الصحف.
ولم يكن يميز بين المفكرين والسياسيين والممثلين والمخرجين والصحفيين.
ورغم أن فترة الماكارثية لم تستمر أكثر من أربع سنوات إلا أن تأثيرها على الفكر والمجتمع الأمريكي تجاوز سنوات الحرب العالمية الثانية ذاتها.
وكما صعد ماكارثي سريعا هوى سريعا، فقد اختفى من الحياة السياسية بعد عام 1954 حينما قام مجلس الشيوخ بتوجيه اللوم إليه وتوفي بعد مرور ثلاث سنوات إثر إصابته بفشل كبدي نتيجة الإفراط في تناول المشروبات.
ويرى البعض أن ماكارثي كان لديه بعض الحق من حيث الهدف ولكنه ضل الطريق من حيث الأسلوب الذي استخدمه لمواجهة تغلغل النفوذ السوفييتي في الإدارة الأمريكية.
بعد انتصارات الحزب الجمهوري الرئاسية وفي الكونجرس في عام 1952، تولى ماكارثي رئاسة اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات التي تحولت إلى محكمة تفتيش في النصف الثاني من القرن العشرين.
ولم ينج من مقصلة ماكارثي أحد حتى الممثل الأمريكي الشهير شارلي شابلن.
ويرى البعض أن ماكارثي كان مقاتلا سياسيا صلبا وكان يهدف إلى الإصلاح ويحاول إنقاذ وطنه من السقوط في قبضة الإخطبوط الشيوعي وإن عابه الأسلوب الهمجي في التحقيق وإرهاب خصومه وغوغائيته التي جعلت الكثيرين يسيئون الحكم عليه وعلى القضية التي كافح من أجلها.
|