في مثل هذا اليوم من عام 1954 انطلقت الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، وهي الثورة التي استمرت قرابة ثماني سنوات حتى تكللت بالانتصار والحصول على الاستقلال عام 1962.
بدأت إرهاصات الثورة الجزائرية في عصر يوم من أيام شهر أكتوبر سنة 1953 عندما بثت وكالة الأنباء الفرنسية خبرا عن تمرد جند جزائريين في وحدة لجيش الاستعمار الفرنسي رابضة على الحدود الشرقية للمغرب.
وفي أغسطس عام 1954 وصل إلى مصر أحمد بن بيلا وكان عضوا في تنظيم شبابي عسكري سري تمكن من الهروب من السجون الفرنسية والوصول إلى مصر ليقود الكفاح منها.
ولعبت الجامعة العربية دورا مهما في ذلك الوقت حيث شهدت اجتماعا بتدبير من المخابرات المصرية لتوحيد أحزاب المغرب العربي في مواجهة الاستعمار الفرنسي. وكان أحمد بن بيلا يرى أن الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد للتخلص من الاستعمار الفرنسي القائم منذ 1832.
وشكلت الثورة الجزائرية حكومة في المنفي من القاهرة حتى تتمكن من قيادة الثورة التي تحولت إلى مواجهة عسكرية شاملة بين الثوار والقوات الفرنسية التي كانت ترى أن الجزائر جزء من فرنسا.
لجأت فرنسا إلى استخدام أقصى درجات القوة في مواجهة الثورة واعتقلت مئات الآلاف من الجزائريين بتهمة التعاون مع الثورة التي قادتها جبهة التحرير الوطني.
وأسفرت الثورة الجزائرية عن استشهاد أكثر من مليون جزائري لتعرف هذه الثورة باسم ثورة المليون شهيد.
والمفارقة أن قادة الثورة الجزائرية لم يكونوا يعرفون اللغة العربية بسبب سياسة الفرنسة التي نفذها الاحتلال على مدى أكثر من قرن من الزمان في محاولة من جانبه لطمس الهوية العربية والإسلامية للشعب الجزائري. ويقول الإذاعي المصري أحمد سعيد إنهم كانوا يكتبون الخطب للرئيس الجزائري أحمد بن بيلا بالأحرف اللاتينية حتى يتمكن من توجيهها للشعب الجزائري من القاهرة عبر إذاعة صوت العرب.
وقد حظيت الثورة الجزائرية بدعم كبير من حركات التحرر الوطني في العالم العربي والعالم الثالث. وقد أثار الانحياز المصري إلى جانب الثورة الجزائرية غضب فرنسا فشاركت في العدوان الثلاثي أو حرب السويس مع بريطانيا وإسرائيل عام 1956.
وكانت الثورة الجزائرية جزءا من سلسلة ثورات قامت ضد الاستعمار الفرنسي في شمال إفريقيا والهند الصينية بعد الحرب العالمية الثانية والتي انتهت بحصول كل هذه المستعمرات على استقلالها.
وعندما تحقق الاستقلال للجزائر بعد ثماني سنوات من النضال تولت جبهة التحرير الوطني الحكم برئاسة أحمد بن بيلا.
ولكن وكما يقال فإن الثورات تأكل ابناءها فانقلب هواري بومدين على قائد الثورة ابن بيلا وأطاح به من الحكم ونفاه من الجزائر.
|