أوردت هذه الزاوية -في الأسبوع الماضي- موضوع (النقل التلفزيوني) لمباريات الموسم الرياضي السعودي، وأن هناك عرضاً تقدمت به فضائيتا (أوربت) و(اي آر تي) وطالبت الزاوية المسؤولين أن يؤخذ في الاعتبار أن كثيراً من المواطنين لا يشاهدون الفضائيات لأسباب تخصهم، وأن يتم وضع حد أدنى للمبلغ يراعى فيه مصلحة الأندية السعودية، وإدخال القنوات الفضائية الطامحة بكسب المشاهد السعودي التي ترغب في نقل المباريات كأبو ظبي والجزيرة الرياضيتين في المنافسة.
ويبدو أن الفضائيتين واستباقاً للأحداث وخوفاً من اصطدامهما مالياً اتفقتا على تقديم عرض لتشفير مباريات الموسم الرياضي السعودي بمبلغ اعتقد مسيرو الفضائيتين أنه (وحيد زمانه) وأنهم سيضعون المسؤولين أمام الأمر الواقع فإما أن يقبلوا عرضهم أو يخسروا الملايين.
وقد تلقيت ردين (غيورين على مصلحة الرياضة السعودية) على هذا الموضوع ولاقتناعي التام بهما فيسعدني أن أوردهما، وهما:
الرأي الأول
وهو رأي تحليلي فقط ويتلخص بأن عرض الفضائيتين الذي تقدمتا به يمكن وصفه (بمؤامرة على الكرة السعودية) ومحاولة إيقاف تطورها، وبالرغم من (كبر) هذا الوصف إلاّ أن المبررات كانت مقنعة وهي:
1- لا يتفق الخصمان المتنافسان إلاّ أن كان هناك ضرر سيصيب الطرف الثالث ويصب في مصلحتهما فقط.
2- كيف للفضائيتين أن تتقدما (بالعرض) قبل أن يتقرر أي شيء بهذا الخصوص فهل هذا جاء من باب الذكاء التجاري أو من نافذة الاستغلال.
3- حاولت الفضائيتان سباق الزمن وتقديم العرض اعتقاداً منهما أن الرقم الذي تقدمتا به لا يمكن تجاوزه أو رفضه.
الرأي الثاني
وهذا الرأي يقدم حلاً -سبق طرحه- وفيه أشار صاحبنا إلى أن مبلغ عرض القناتين مغر على الورق فقط ولكنه في الواقع هزيل واستفادة الأندية السعودية منه بسيطة، فالمبلغ لا يتجاوز - مدة سريان العقد- مائة مليون ريال يدفع مقابل التشفير كاملاً للمباريات، وبحسبة بسيطة نجد أن الفضائيتين ستستفيدان من تسويق أجهزتهما وستدفعان مقابل التشفير مبلغاً تقل نسبته عن (15%) مما سيدخل في حساباتهما من الأجهزة فقط.
فلو فرضنا أن المبلغ -كما ذكر- مائة مليون ريال ولدينا اثنا عشر نادياً في الدرجة الممتازة فإن هذا المبلغ لن يوزع كاملاً على الأندية، فهناك الاتحاد السعودي لكرة القدم سيخصم -ككل الاتحادات الكروية الأخرى في العالم- نسبة منه تتراوح بين (10% إلى 20%) وذلك لإدارة وتجهيز المنتخبات والمعسكرات ورعاية الأندية والمسابقات وغيرها وسيبقى من المبلغ (80 مليون ريال) وهو ما سيوزع مناصفة على أندية الدرجة الممتازة فقط- لم تتم الإشارة إلى أندية الدرجة الأولى مع أن هناك مباريات تنقل لها- فيحصل كل نادٍ ممتاز على مبلغ أقل من سبعة ملايين ريال، وهذا رقم متواضع في ظل مصروفات الأندية واحتياجاتها المختلفة، وقد أوضح الواقع وتصريحات رؤساء الأندية أن نادي الدرجة الممتازة خاصة الأربعة الكبار يحتاج إلى ميزانية سنوية تتراوح بين (20-30) مليون ريال فهل ما يدفعه المشفرون كافياً.
وإذا تم التشفير كاملاً فكم المبلغ الذي سيصب في خزائن المشفرين من جراء تسويق أجهزتهم والاشتراكات السنوية؟ ولأن محبي الرياضة كثر فسيتهافت المواطنون وإدارات الفنادق وأصحاب المقاهي والاستراحات على شراء الأجهزة، ولن يقتصر الأمر على المملكة فقط، فالدوري السعودي متابع بصفة من مواطني دول مجلس التعاون واليمن والأردن ثم يليهم مصر وسوريا ولبنان، لذا يتوقع -وعلى أقل تقدير- أن تسوق كل قناة من هاتين ما لا يقل عن مليون جهاز، فإن كان ربح القناة في الجهاز الواحد يتراوح بين (350-450) ريال فإن متوسط دخل هاتين القناتين من أجهزة بث المباريات السعودية لا يقل عن ثمانمائة مليون ريال وهذا مكسب الأجهزة فقط عدا الاستفادة من الإعلانات التجارية ومبالغ الاشتراكات السنوية.
إذن فمبلغ العقد مقارنة بأرباحهما مبلغ بسيط، فهو كما ذكر سابقاً مغر على الورق ولكنه في الواقع هزيل.
ما الحل؟
الحل يكمن في الوصفة السحرية (لا ضرر ولا ضرار أو كما سيرد لاحقاً لا يقتل الذئب ولا تفنى الغنم) وهي التشفير الجزئي الذي بواسطته نستطيع أن نحصل على أكثر من المائة مليون ريال ولا نحرم نسبة كبيرة من المواطنين من المشاهدة.
ويتلخص الحل في أن يتم تشفير المباراة في المنطقة المقامة فيها فقط، فمثلاً أقيمت مباراة في الرياض فإن ساكني هذه المدينة لا يستطيعون مشاهدتها ويمكن لبقية مناطق المملكة مشاهدتها وهكذا، وما دام أن لدينا بثاً أرضياً فباستطاعتنا تطبيق هذا النوع من التشفير، ونكون بذلك استفدنا وأفدنا فلم نحرم المواطنين من متابعة الكرة ولم نقف في سبيل مداخيل جديدة للأندية والقنوات الفضائية، والمبلغ الذي يتبجح به مسيرو الفضائيات يمكن استيفاؤه بهذه الطريقة السهلة التي تراعي مصالح الجميع.
رأي سابق لخبير
التشفير الجزئي فكرة سبق أن طرحها الخبراء السعوديون ممن حملوا أمانة القلم ودافعوا عن مصلحة الرياضة السعودية وهو الدكتور خالد الباحوث الذي كتب مقالاً نشرته صحيفة (الرياضي) بتاريخ 1-6-1423هـ بعنوان (لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم) وسأنقل لكم جزءاً منه فاقروا..
(تم مؤخراً الإعلان عن أن الاستعدادات جارية على قدم وساق لإطلاق قناة رياضية سعودية تابعة لوزارة الإعلام خلال الأشهر القليلة المتبقية وهو الأمر الذي سنجد فيه ضالتنا إن شاء الله والذي سيكون من خلال المقترح التالي:
فالواجب عمله هو الإعداد من الآن لوضع وتهيئة وتأسيس نظام تشفير جزئي لتلك القناة لنستطيع من خلال هذا النظام تشفير كل مباراة عن المنطقة أو المدينة التي تقام بها، وهنا نكون قد طبقنا (قاعدة سددوا وقاربوا).
ومن جهة أخرى فإنه إذا أردنا أن نهيئ فرصاً لبعض الذين لا يستطيعون الذهاب إلى الملعب وأردنا كذلك مداخيل مالية إضافية كبرى فإنه بإمكاننا بيع حقوق نقل جميع مباريات المسابقة إلى قنوات التشفير وهي بدورها ستربح نظراً لأنها ستنفرد بمباريات كثيرة وفي مناطق مختلفة، وهنا يكون قد حققنا أهدافنا بقوة وبأقل المخاطر المؤدية إلى نتائج سلبية).
سلمت يمينك يا دكتور فقد سبق قلمك تفكيرنا الحالي بما لا يقل عن ثلاث سنوات، ولي عتب شديد عليك فقد افتقدنا مقالاتك وأطروحاتك المفيدة منذ مدة فلا تبخل على الكرة السعودية بما يفيد وقد يكون لك عذر ولكنك في منظور الصالح العام غير معذور.
غيض من فيض
* أحد الفضائيين قدم عرضاً كبيراً ثم تراجع عنه بعد اتفاقه مع الفضائية الأخرى لأن العرض الموحد كان أقل مبلغاً.
* يسوق المشفرون مقولة: (إن التشفير قادم ويجب التعامل معه) والواقع السعودي يقول لهم: (ليس بطريقة الاستغلال أو النظرية المضحكة من يدفع يشاهد).
* في البرازيل يتم تشفير المباراة على المنطقة المقامة فيها ثم تعرض بعد ساعتين من انتهائها في بث مفتوح.
* القناة الأرضية (الرياضية) بإمكانياتها الفنية تستطيع حل مشكلة التشفير الجزئي لأن بثها يتم عن طريق مراكز أرضية وليست كالفضائيات.
* المشاهد السعودي هو مطلب كل الفضائيات.
* غاب عن أذهان مسيري الفضائيتين أن هناك محطات أخرى تنتظر إشارة المسؤولين لتقديم عروضها.
* أحد المستفيدين من إحدى هاتين الفضائيتين كتب قبل أكثر من أسبوعين ملمحاً للعرض الموحد ومحاولاً تلميعه والتسويق له.
وأخيراً
لا بد أن هناك لجاناً مشكلة من عدة جهات مسؤولة كالمالية والإعلام والرئاسة العامة لرعاية الشباب، فكل الرجاء دراسة كل ما يرد إعلامياً أو غير إعلامي عن هذا الموضوع الذي يهم كل مواطن وكل نادٍ سعودي.
|