نهوضاً بالتربية والتعليم نشرت عزيزتي الجزيرة - مشكورة - مقالين، الأول في 15-8-1425هـ عن سلبيات التعليم في الخرج كتبه صالح حسن السيف، والثاني بتاريخ 16-8-1425هـ عن الارتجالية بالتعليم مع مطلع كل عام دراسي وكتبه صالح العبدالرحمن التويجري، وقبل هذا وبعدد الجزيرة رقم -10431- أشارت الى ما نصه (في بحث أجري بإحدى المدارس 60% من الطلاب لا يصلون)، وبالعدد - 109930 نشرت الجزيرة أيضاً بأن : (2900 معلم ومعلمة تم إبعادهم الى وظائف ادارية بحجة انهم مرضى نفسيون)، ويقول الخبر :(بأن إدارة تعليم الرياض حولت مؤخراً أكثر من -2000- معلم مصاب بأمراض نفسية..)؟! وقد أبرزت الصحافة المحلية وبعد ما طفا على السطح العنف الطلابي وحمل السلاح والتسرب والغياب والبطالة وضعف المستويات والتهافت على المدارس الاهلية (التجارية).
أما القضايا الاخلاقية اليتيمة فهي تُقبر تحت اسوار المدارس.. الخ، وبالمقابل ومنذ حوالي عامين اقدم معالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد بن أحمد الرشيد بالزام معظم مديري التربية والتعليم بكل محافظة بعملين وذلك من خلال الاشراف على تعليم البنين والبنات معاً، وهذا التكليف احدث شرخاً جديداً بالتعليم وزاده قصوراً وتقصيرا، وانتقل اذاه وضرره من الميدان الى المجتمع كله وذلك لامور منها: أولاً: الله عز وجل هو ارحم الراحمين لم يكلف الانسان فوق طاقته حيث يقول سبحانه {رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ}، وفرض إدارة ادارتين مختلفتين على مدير واحد ؟ ظلم للجميع، والجمع بين الضرتين نتج عنه اضاعة الاعمال وتعطيل المصالح واحراق الاعصاب، وما تذمر الرؤساء والمرؤوسين، وتكدس المعاملات والمراجعين في أسياب كل إدارة تربوية وتعليمية إلا مؤشر خطير على وقع الخطأ، ومنذ القدم والرجال والامثال يقولون (صاحب الشغلتين كذاب) ثانياً: مدير التربية والتعليم حتى ولو كان قوياً واميناً فهو من البشر، ولن يدير او يحيط بكل شيء، فكيف به وهو محمل بأعباء تنوء بحملها الجبال الراسخات؟ ومحاط بأعداء لا ينصحونه ولا يصارحونه، ولا يغفلون عنه عوضاً عن ان يرحموه، ومع المشاكل والهموم فهو متخم بالمعاملات والاعمال التي تشل طاقته وتعمي بصره، وتشغل بصيرته، ومع انه محاسب من قبل الوزارة فهو ايضاً وعلى مدار الساعة ويومياً يتعامل مع جمهور غفير ينتظر ويحترق، وكثير منهم قد لا يفهم ولا يرحم، ومع هذه الاعباء كيف يفكر؟ وكيف يخطط؟ بل كيف يعمل وهو مشغل ومشغول بهمومه العملية والعائلية والشخصية؟، ومع هذا كله فعقله محدود، وبدنه مكدود، ومزاجه مسدود ووقته مضغوط وقلبه النابض مشغول، والله تعالى يقول {مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}.
ثالثاً: مدير التربية والتعليم متخم بعملين : المعاملات والاشخاص، فهو مع انشغاله يعمل وحيداً بدون عدة ولا معين، ففي داخل إدارته يتعامل مع كسالى الموظفين الذين يترقبون الخروج قبل الدخول، ومبتلى بالقاصرين والمقصرين من المشرفين التربويين الفاشلين، الذين يفرون من العمل الميداني، ويتهافتون على العمل بالاشراف التربوي ؟ وأيضاً يتأذى كثيراً من المعلمين المراهقين اصحاب السوابق، مع ندرة وفرار مدير المدرسة القوي الامين الذي يرعى الامانة ويؤدي الرسالة، وهذه كلها مجتمعة اضعفت واضاعت مدير التربية والتعليم، وجعلته لا يعلم شيئاً عما يدور بالميدان العملي والتعليمي، وخاصة ما يعانيه طلابنا اليتامى، الذين هم بيت القصيد، ومن رأى ليس كمن سمع!
ورحمة بالامة ثم تجاوباً مع تصريحات معالي وزير التربية والتعليم، الذي ينادي بأن قلبه ومكتبه مفتوحان للرأي الناصح الرشيد، لذا فإنني من الميدان ومن واقع الخبرة وقبل الندم وقبل الموت، بل قبل الفوت الذي هو اخطر من الموت، اشير وانصح معاليه بأمرين هما:
1- رعاية لطلابنا وحتى لا تغرق السفينة بنا جميعاً، فإنني أرى إلغاء قرار ضم الإدارتين، وتكليف مدير لكل إدارة تربوية وتعليمية.
2- النزول الى الميدان فجأة وتكراراً، فالحاضر يرى ما لا يرى الغائب.ومع توقي وتنقي اختيار المدير القوي الامين والقيام ميدانيا بالمتابعة والتذكير ثم المحاسبة، يقول عمر بن الخطاب- رضي الله عنه ( أرأيتم اذا استعملت عليكم خير من أعلم ثم امرته بالعدل، أكنت قضيت ما علي؟ قالوا: نعم، قال: لا حتى انظر في عمله، أعَمِل بما أمرته به ام لا؟)
محمد بن ناصر الحربي/الرياض |