مما يؤسف له عدم تطبيق الفئات المجتمعية أفراداً وجماعات في كثير من الأوقات والأزمنة، النظام الاجتماعي العام؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر وقوف السيارات الخاصة بالمواطنين والمقيمين وقت انصراف التلاميذ ذكوراً وإناثاً، ظهراً من المدارس، أمام البوابات؛ فجميع السائقين مصرون على إركاب الطلبة من أمام أبواب المدارس في حين يخترقون الشوارع المزدحمة بهذا الانتظار الممل، خاصة أن ضيق هذه الشوارع المزدحمة بهذا الانتظار الممل، خاصة أن ضيق هذه الشوارع يزيد طين الوقوف بلة!
من هنا تهدر الأوقات والطاقات المعنوية والحيوية للناس ومركباتهم، وذلك يحدث على مدى التوهم والظن في مخيلات هؤلاء أن الوقوف أسرع للنقل.. نقل الأبناء من المدارس حينما تفتح أبواب السيارة ويدخلها هؤلاء الطلاب من أمام الباب.
أين الحكمة؟
الإجابة: غابت عن معظم هؤلاء البشر، والمعنى فيما أقصده: لو أن كل سيارة لم تقف أمام الأبواب ولكن حول المدارس على نحو مسافة ليست بعيدة وإنما في مساحة تسمح للطلاب والطالبات بأن يترجلوا نحو سياراتهم بدلاً من أن تملأ السيارات المساحات الضيقة جهة أبواب المدارس، وفي هذه الحال تكون المشكلة قد تضاءلت بل انمحت!
وهذا الشأن بسيط لو استخدمنا التفكير الواعي، نفس الشأن في داخل الأحياء، تزدحم الشوارع بوقوف السيارات تحت البيوت والمساكن، والمفترض أن يكون هناك تنسيق بسيط بين السكان بحيث لا يقف أي مالك سيارة كيفما اتفق ولكن لا بدّ من مراعاة أحجام السيارات من سيارات غيره من الجيران، أو أصحاب المصالح العامة، وفي هذا من اليسر والتيسير الشيء المريح للجميع.
كما أن المفترض وقوف كثير من العمال والموظفين أمام مؤسسات أشغالهم لا في مواقف سيارات السكان الذين يغادرون صباحاً إلى أعمالهم فينتهز أولئك الموظفون فرصة إخلاء مواقف الساكنين وعندما يعود السكان بعد الظهر يفاجأون بمواقف سياراتهم ملأى بسيارات العاملين الذين لا ينتهي وقت دوامهم إلا مساءً.
ولا يحلو لهم الوقوف بسياراتهم إلا في الظل.. ظل الشمس بعد ضحاها. إن المعقول أن ينتظم الناس في سلك الحياة والسلوك فيها بنظام يخدم المجموع من الأفراد والناس؛ حيث إننا نعمل على رقي هذا المجتمع المتمثل في تطبيق العملية السلوكية بنظام التمدن ومبادئ الرقي الاجتماعي.
وإذا كانت النظرية نظرية الرقي والتمدن يعرفها كثير من الأفراد في مجتمعنا الكبير فلابد من تطبيقها من تلقاء النفس، وهناك من يعوزه الوعي بهذه العملية الانتظامية على الرغم من أنهم قد يكونون على شيء من العلم بها، إنما ينقصهم الوعي بالمنطلقات.
إن ما سبق قوله من الشكوى العامة للسلوكيات اليومية وبالذات فيما يحدث من تصرفات معظم الناس سواء بالسيارات أو بغيرها، يندرج تحت تصرفات مماثلة قد تكون أسرية أي في البيوت.. إلخ، ولا سبيل إلى حلها إلا بزيادة الوعي بطرق قد تكون مباشرة أو غير مباشرة، وذلك مثل التوعية المستمرة والاقتداء العملي من قبل الواعين بالنظم الاجتماعية ونشر وجهات نظر الباحثين في هذا الصدد في مجالات الحياة الإنسانية بصفة عامة.
لقد اختصر كثير من الناس حياتهم في سلوك معين خاصة من الجانب المادي وتركوا الأهم من الرؤية الصحيحة نحو طبيعة الحياة العامة المتمثلة في إرساء قواعد للسلوك الاجتماعي العام، والنظم السلوكية المتمدنة التي كم من البشر في حاجة ماسة إلى المعرفة بها ومن ثم تطبيقها في حياتهم اليومية.
فهلموا أيها العقلاء إلى تنفيذ ما عرفتم، وعرِّفوا ذلك لأبنائكم وإخوتكم كي يتبصروا بمفاهيم نظام الحياة الاجتماعي العام؛ فرُبَّ مبلّغ خير أو أفقه من مستمع كما في الأثر النبوي الشريف.
|