يسبق التصويت غداً في الانتخابات الأمريكية زخم من الأحداث ذات الصلة المباشرة بالتأثير على خيارات الناخبين ، الذين يدخلون إلى غرف الاقتراع بينما تدوي في رؤوسهم أصوات القصف الأمريكي لمنازل المدنيين في الفلوجة والرمادي والأنبار التي تتحدث عن مصرع المزيد من الجنود المارينز (تسعة يوم السبت الماضي) ، وهناك أيضا الظهور المثير للجدل لرئيس تنظيم القاعدة في الفضائيات ، وهو أمر سيلقي بتأثيراته حتما على الأمريكيين الذين يسيطر عليهم بشكل كبير الهاجس الأمني والمخاوف من عمليات إرهابية جديدة.
ومن الواضح أن الحدث الواحد قد يحدث تأثيرات مختلفة في ذات الوقت ، فالبعض يرى أن شريط بن لادن زاد من شعبية الرئيس الأمريكي جورج بوش أمام منافسه الديموقراطي جون كيري ، انطلاقا من أن الشريط أبقى على المخاوف ومن ثم دفع إلى الالتفاف حول بوش الذي يضع محاربة الإرهاب ضمن أهم بنود أولوياته ، بينما يرى آخرون أن الشريط ابرز الفشل الكبير لبوش حيث يظهر بن لادن ليقول انه ما زال هناك وان تجريد الحملات العسكرية الهائلة عبر البحار إلى أفغانستان والعراق وغيرهما لم يفلح في تقليص الأخطار التي يلوح بها تنظيم القاعدة.
ومن يقول إن الشريط عزز فرص بوش للبقاء في منصبه ، ربما رأى الحرص الشديد له على الجانب الأمني ، فالناخب الأمريكي يرى أن البلاد تمر بظروف استثنائية ، وان ذلك يتطلب إدارة قادرة وجاهزة للتعامل مع الأخطار التي تشكلها القاعدة وغيرها حيث الخبرة العملية ضرورية في هذا المقام ، بينما يمثل كيرى ، إن كتب له الفوز ، قادما جديدا للإدارة لا ليواصل ما بدأه سلفه بل ليحاول وضع لمساته الخاصة الأمنية وغيرها على ملف الإرهاب.
إلا أن الناس يحاولون الركون إلى مسائل يقينية وإلى سياسة قائمة بالفعل وتحقق نتائج ، بصرف النظر عما إذا كانت هذه النتائج فاعلة المهم إنها تمضي في طريقها وتتبع وسائل وإجراءات اكثر رسوخا ، مما يمكن أن تدفع به إدارة جديدة في ظروف لا تحتمل التأجيل أو استعراض الخيارات الأمنية أو اختبار سياسات جديدة ، وكل هذه أمور تصب في صالح الرئيس بوش.
غير أن الولايات المتحدة ليست مسكونة فقط بهاجس الخوف من القاعدة ، فهناك العراق ، وهناك الاقتصاد بكل تفريعاته ، ومع ذلك فان الموضوع الأمني يفرض نفسه انطلاقا مما حدث في 11 سبتمبر ، فقد كانت تلك الأحداث بمثابة الزلزال وهناك حرص شديد لعدم إعطاء أية فرصة لحدوث ما حدث مسبقا.
|