نوقشت كثير من الأسباب والدوافع التي تقف وراء الموقف المعادي الذي تقفه قناة الجزيرة القطرية من المملكة.. من ضمن الاتهامات التي توجه لقناة الجزيرة أن هناك دولة تقف وراءها وتملي عليها مواقفها. ولا يخفى على أحد ما المقصود بهذه الدولة، لكني لم أسمع أن أحداً ناقش موقف العاملين في الجزيرة أنفسهم. والتماثل بين موقف هذه الدولة من المملكة وبين موقف العاملين أنفسهم.
نعرف أن معظم العاملين في قناة الجزيرة أو المؤسسين لها هم من بقايا مجموعة البي.بي.سي البريطانية. ولو عدنا إلى موقف البي.بي.سي من المملكة فلن نجده أفضل من موقف الجزيرة الآن مما يعني أن العاملين في البي.بي.سي نقلوا معهم أيدلوجيتهم المعادية للمملكة وليسوا مأجورين بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة. والبي.بي.سي هيئة حكومية شبه مستقلة لكنها لا تأخذ مواقفها من الحكومة البريطانية فكما جرت العادة في الإعلام فإن العاملين فيه يلعبون دوراً مهماً في منهجة الموقف العام للجهاز إذا لم يتعارض مع الخط الاستراتيجي الذي تنتهجه هذه المؤسسة.
العاملون في قناة الجزيرة هم جزء من منظومة ثقافية عربية واسعة الانتشار تسيطر بصورة شبه تامة على الإعلام والثقافة في العالم العربي، متغلغلون حتى في الإعلام الذي تحتكم المملكة على موارده المالية. وهؤلاء يقودون حملة معادية للمملكة لا تعرف الكلل أو التعب. وهذا الموقف المعادي للمملكة يمتد من المثقف شديد التخصص إلى المثقف المهني الذي يتواصل عمليا مع رجل الشارع. مما أدى عبر السنين الى تحول هذا العداء من موقف ايدلوجي ثقافي إلى موقف شعبي عادي خصوصاً في مصر وبلاد الشام. شكل الإعلام العربي عبر السنين صورة نمطية سلبية عن الإنسان السعودي وكرسها على كافة المستويات وبالمقابل لم تعمل أي جهة سعودية (بشكل منهجي) على مناقشة هذه الصورة فضلا عن تغييرها وتصحيحها بل تركت لتمتد إلى بعض المثقفين السعوديين أنفسهم.
يمكن أن نرى إذا تسرعنا في إبداء الأسباب أن منها ما هو تاريخي يعود إلى الصراع السياسي الذي دار بين المملكة وبين مصر في حقبة الستينات ومنها ما هو معاصر نشأ من تحالف المتخم النفطي مع المتحجر الديني الذي عمل على تحطيم الصورة الايجابية للمملكة. لا أريد الآن أن أخوض في تفاصيل الأسباب التي أدت إلى هذا الموقف ولكني أريد فقط أن أعبر عن دهشة واستغراب.
بعد الحادي عشر من سبتمبر شن الإعلام الأمريكي والصهيوني العالمي حملة معادية على المملكة بصورة تشعر معها أن الحملة ليست مجرد رد فعل لأحداث الحادي عشر من سبتمبر وإنما هناك حملة تنطوي على أهداف إستراتيجية بعيدة المدى. فكان لإعلامنا الخارجي والداخلي كلمته المعروفة. فقام بشن حملة مضادة مستعينا بكل كوادره التاريخية التي عرفت في كل الأحداث والحفلات والأعياد والمناسبات من أيام عبد الناصر وإلى يومنا هذا وبنفس المنهج وبنفس الأسلوب وبنفس اللغة وبنفس نظام الانتداب المعمول به أيام ديوان الخدمة المدنية. ليس من الضروري ان نناقش فرص النجاح لمواجهة الحملات العالمية المعادية. فلدينا تجربة أربعين سنة من الحملات المشابهة لإقناع إخواننا العرب بسلامة كثير من مواقفنا. ومازال الموقف العربي منا على ما كان عليه منذ أيام جمال عبد الناصر ويزداد سوءاً كل يوم. يجب ألا ننظر إلى معركة إعلامنا مع الآخر لأنه لا يوجد معركة من هذا النوع. فإعلامنا له عالمه الخاص.
عندما تقرأ أسلوب ومشاركة المملكة في معرض فرانكفورت للكتاب تتأكد أن ما يسمى بأحداث الحادي عشر من سبتمبر وأثرها على مستقبل المملكة ليست سوى مجرد حلم أو أكذوبة صهيونية لا تستحق الالتفات.
فاكس 4702164
|