تأتي المسألة الأمنية في أولويات أي مجتمع، ودون توافر الأمن والأمان في أي مجتمع لن يكون هناك ثمة خير يجنيه، فمجتمع بدون أمن، كدولة بدون نظام.. لقد تنامى في الآونة الأخيرة داخل مجتمعنا بروز ظاهرة أمنية صحية، تمثل ذلك في توافر حراسات أمني أهلية وطنية، تقف جنبا إلى جنب مع رجال الأمن الحكوميين، للذود عن أرواح البشر وممتلكات البلاد، وبعد أن كانت بدايات هذا الظهور محل استغراب على المجتمع، أضحى هذا الاتجاه ظاهرة مشجعة من لدن كافة المستويات المجتمعية في البلاد، ولهذا فإن تجنيد شبان وربما في المستقبل شابات بالرغم من تواجدهن في هذا الميدان ولكن بنسب محدودة، وذلك للقيام بدور أمني متخصص حسب احتياجات أي منشأة أو مقر، هو توجه فرضته المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية لبلادنا، فأصبح هناك استقطاب متعدد الاحتياج لهؤلاء المكلفين بأمور الحراسة الأمنية، سواء كان ذلك داخل مقار حكومية أو أهلية كالبنوك والشركات والمؤسسات الاقتصادية الأخرى، وجميل أن يتم توافر مثل هذه الفئة من قبل شركات أمنية متخصصة، تستقطب كفاءات قادرة على تقديم العطاء الأمني، ولا شك أن للتدريب والتأهيل دور خاص في صقل هذه الكفاءات، وجعلها كفاءات معطاءة، كما ينبغي استناداً إلى ما كلفت به من مهام محددة ، لأن العائد الأمني المبتغى ليس من السهل نيله من دون أن يتوافر له الدعم والمؤازرة المطلوبين، ولهذا إذا ما أردنا أن نهيئ كفاءات أمنية أهلية مؤهلة، لابد أن يكون لذلك ضوابط وحوافز متعددة، فمن الضوابط المطلوبة بداية أن يكون الأشخاص المرشحين في المجال الأمني الأهلي من المشهود لهم بحسن السيرة والسلوك، والأمانة وحسن الخلق، وأن ينالوا دورات علمية وعملية في المجال الأمني، تمهيداً لتدريبهم وتأهيلهم في المجال الذي سوف يكلفون به، مع اعطائهم محاضرات دورية عن كيفية التعامل مع الآخر، وارشادهم بالانضباط في العمل، ولكي نطالب أو نبحث عن أشخاص يتسمون بهذه الخصائص، لابد لنا بالمقابل أن يتم التعاقد معهم برواتب مجزية، ومنحهم حوافز تشجيعية يتناسب مقدارها وحجم العمل المكلفين به، فهذه الفئة من العاملين تختلف مهامهم وواجباتهم عن غيرهم ممن يعمل في ميادين عمل أخرى، فهم عرضة لمخاطر أمنية متعددة، وأداء واجبهم يتم في أوقات متفاوتة، يأخذ أنماط الورديات فيه، ويقع ذلك غالبا في أجواء مناخية متقلبة، ولهذا فإن عدم الأخذ في الاعتبار والاهتمام بهذه الجوانب من قبل المنشآت الموظِّفة لهم، لن يؤدي هؤلاء الفتية دوراً ملموساً لعائد مأمول، فضلا عن تسبب ذلك بنشوء ما يسمى بكثرة دوران العمل، لدى هذه المنشأة التي تبخس حقوقهم، أو تلك التي تنتقي كفاءات، إما لأنها رخيصة الأجر أو كان التحاقها الوظيفي بسبب اقتصادي، وقد يزول في وقت من الأوقات، وينشأ دوران وظيفي منها أيضا، إن دافعي للكتابة عن هذا الموضوع أسباب عدة، أهمها: أننا نعيش متغيرات اجتماعية واقتصادية متعددة، فلابد لنا من الإيمان المطلق من ضرورة استقطاب كفاءات أمنية أهلية مؤهلة، ولابد لنا من إعادة النظر في الرواتب التي يتقاضاها حارس الأمن الأهلي في هذه المرحلة، فهي رواتب غير مجدية لهم، وهذا مرده وجود احباط في نفوسهم، وينعكس الأمر معه إلى إضعاف قوة العمل المأمولة منهم، فعلى منشآت الحراسات الأمنية الأهلية مراجعة هذا الأمر، وألا تجعل من مقدار قيمة العقود المبرمة مع بعض القطاعات في البلاد سببا مؤدياً إلى تقديم رواتب متدنية لمنسوبيها، حيث بالامكان النظر عند التعاقد نحو تفاوض يفضي الأمر معه إلى طلب الزيادة في أقيام العقود، مع رفع مستوى الخدمة المقدمة للغير، وأن تكون نوعية في عطائها، وذلك من ناحية توظيف كفاءات بشرية مؤهلة، واستخدام أجهزة متطورة مساندة لرجال الأمن أثناء تأدية عملهم، وهنا نستطيع استقطاب الأكفأ وتوافر بيئة أمن وآمان.
الباحث في شؤون الموارد البشرية.
|