Monday 1st November,200411722العددالأثنين 18 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "فـن"

قراءة في فيلم فهرنهايت 11-9 قراءة في فيلم فهرنهايت 11-9
د. زهير محمد جميل كتبي

في إحدى دور السينما بالسوق التجاري ABC القابع في وسط مدينة بيروت اللبنانية شاهدت الفيلم الأمريكي الواسع الانتشار (فهرنهايت 11-9) FAHRENHEIT للمخرج العالمي (مايكل مور)، وكانت معي مفكرتي الخاصة بهدف تسجيل ما يستفاد من هذا الفيلم الذي أثار الدنيا ولم يقعدها حتى الآن، والذي حصل على جوائز عالمية مثل: جائزة السعفة الذهبية، في مهرجان (كان السينمائي)، وبعد المشاهدة والاستمتاع بذلك استطعت أن أسجل قراءتي الخاصة بهذا الفيلم الرائع، ومن ذلك:
1 - اعتمد الفيلم على تسجيل مقاطع محددة، ومختارة بعناية فائقة لتخدم موضوع الفيلم، رغم أن بعض تلك المشاهد لم تعرض علينا، وظلت سرية، حتى نشرها (مور)، وتخدم أهداف المخرج المعلنة والخاصة، ثم قام المخرج بتركيب وتلصيق تلك المقاطع، بتنسيق سياسي وفني، ليقنع المتلقي بفكرة جديدة تخدم أهدافه من تصوير وإخراج هذا الفيلم، الذي أدر عليه مبالغ خيالية، لم يتوقعها المخرج نفسه حسب قوله للصحافة العالمية، ولملمة المقاطع وتلصيقها فكرة جيدة - هكذا يبدو لي - تخدم موضوع الفيلم وثائقياً وتاريخياً وسياسياً.
2 - أظهر الفيلم في بعض مقاطعه ومشاهده الملصقة والمنقولة من نشرات الأخبار الفضائية، واللقاءات والحوارات التلفزيونية أن للأفارقة الأمريكيين دوراً كبيراً في العملية الانتخابية الرئاسية الأمريكية.
3 - يظهر الفيلم أن عملية الحرية الأمريكية هي: (خدعة كرتونية).. قد تتصلب في بعض الحالات لتصبح من الحديد الصلب، وخاصة التي في خارج الولايات المتحدة الأمريكية، وأعني بها تلك المشاهد التي نقلت من داخل أروقة ومسرح فعاليات مجلس الشيوخ الأمريكي حين تقدم البعض بعرائض سياسية احتجاجية على عملية الانتخاب، ورغم أن القانون الأمريكي لم يمنح أولئك المعارضين فرصة النجاح لأي عضو من الأعضاء لم يحقق الشرط المطلوب وهو التوقيع.
وما يهمني في هذا المشهد هي المفردات والكلمات والجمل التي يستخدمها رئيس المجلس للمعارضة فقال لبعضهم: اصمت لا تكمل، اجلس في مكانك، وعُد إلى مقعدك وغيرها، وكأنه يخاطب أطفالاً أو تلاميذ في مدرسة ابتدائية، إنها الديكتاتورية الأمريكية.
4 - أظهر الفيلم الكثير من العيوب والنواقص والملاحظات على المجتمع الأمريكي، وشرح الكثير من القضايا التي تقلق المواطن الأمريكي، ويشكو منها مثل:
4-1: أظهر الفقر والبطالة في المجتمع الأمريكي، فعرض المخرج مشاهد فقر من مدينة (فلنت) بولاية ميتشجان، وهي مسقط رأسه.
4-2: أظهر الفيلم مواطناً أمريكياً زنجياً، سأله أحدهم: ما هي أمنيتك في الحياة، فقال أن أدخل الجامعة وأتعلم بها، أمنية فظيعة في بلد العلم والمعرفة والحضارة، وهذا ما يجعلني اقول لأي مواطن سعودي: إن شكوى عدم دخول أبنائنا الجامعات هي شكوى ليست سعودية، بل موجودة في كل دول العالم، وبالذات في أمريكا، فلا تقلقوا من هذه الشكوى، بهذه الإشارة لذلك المواطن الأمريكي الزنجي أراد مور أن يشير إلى العنصرية التي تمارس في أمريكا ضد السود، وأن حقوق الإنسان هناك مطعونة ومهدورة.
4-3: أظهر الفيلم بعض مواطن: (الفساد الإداري والأمني).. في الولايات المتحدة حيث يذكر أن شرطة المدينة لا تملك إلا سيارة شرطة واحدة وقديمة لا تستطيع القيام بواجبها، وأن هذه الشرطة تعاني من نقص حاد في القوى العاملة بها.
5-: لقد فجعت تماماً بجهل المواطن الأمريكي، بالأحداث العالمية، فنجد بعضهم لا يعرف موقع العراق، الذي أرسل إليه أبناؤهم للحرب هناك.
6-: اعترف بعض العسكر الأمريكيين بعدم معرفتهم بقوة المواطن العراقي، لدرجة أن بعضهم وصف المواطن العراقي بأنه يحارب بشراسة وانفعالية قوية.
7-: تحميل كل أخطاء العالم على تنظيم القاعدة ونسي ذكر أخطاء وأدوار بعض الدول، مثل احتواء بريطانيا لكثير من المعارضين العرب، ودعم بعض الدول للقاعدة.
8-: بغباء حاد يظهر الفيلم أسامة بن لادن أنه مسترخٍ، والعالم كله يغلي ويثور.
9-: استغلال المخرج (مور) لبعض المشاهد والصور لإبراز صور القيادة السعودية والأمريكية، إنما هو أمر طبيعي أن نشاهده في كل الممارسات السياسية العالمية، ويمارس أخذ مثل هذه الصور السياسية مع كل قيادات وأركان العالم السياسية، فلم يتوفق المخرج في استغلال جانب الصور لصالحه.
10-: الغريب أن المخرج أراد أن يشوه صورة بلادنا ودورنا في صناعة الإرهاب وللأسف الشديد إنه بغباء فني حاد، أبرز بعض الصور لعمليات إرهابية وقعت في بلادنا، وكان من المفترض أن يكون منصفاً ومحايداً، ويذكر الدور الكبير الذي تقوم به المملكة العربية السعودية في مكافحة ومقاومة الإرهاب والإرهابيين، وأننا تقدمنا أفضل من غيرنا في هذا المجال، وأننا قضينا على خلايا إرهابية مهمة.
11-: عمل المخرج بفيلمه على تعرية القرار الأمريكي بأنه بدون أبعاد أو خلفيات وقد نتفق معه في بعض الجوانب، ولكن كان ينبغي أن يفكك ويحلل تلك الأبعاد.
12 - عمل الفيلم على السخرية ببعض القيادات الأمريكية السياسية خاصة أثناء عمل الماكياج لهم قبل خروجهم في لقاءات صحفية أو تلفزيونية، وأعتقد أن العالم.
13-: أريد أن أتوجه بسؤال موضوعي للمخرج الأمريكي (مور)، هل تستطيع أن تنتج فيلماً عن الصراع بين أمريكا والرئيس الفنزويلي (شايفز)، أو الصراع الأمريكي في الصومال أو إيران أو السودان، وخفايا الحقائق التي غيبت؟؟.
14-: نقل المخرج حفل زواج ابن أسامة بن لادن قائلاً بأن بعض الأمريكان حضروا هذه الحفلة، فكان لا بد أن يقول إن تأريخ هذه الحفلة كانت قبل الخلاف الأمريكي مع بن لادن.
15-: لم يتوفق في عرض منتجه الفني فيما يخص التحالف أو العلاقة بين السلطة والثروة، وأقول (لمور) إن الأسماك الضخمة في البحر تعيش على أكل الأسماك الصغيرة، وإن الوحوش في الغابة تفترس الحيوانات الأقل ضعفاً، وإن الطيور الجارجة تطير في السماء لتفترس الطيور الهادئة فلذلك لا بد للتوازن أن يفقد قوته إذا اختلت عناصر القوي.
16-: أظهر المخرج جندياً أمريكياً يقول عبارات حاقدة وحاقدة وحاقدة حين تلفظ بقوله.. (احترق.. احترق.. يا ابن العاهرة.. احترق).. وهذا خير دليل على الحقد الأمريكي على الإنسان العربي.
17 -: في الجزء الثاني والمهم من هذا الفيلم ركز المخرج (مور) على مهاجمة بلادنا بطريقة غير مبررة، وغير موضوعية وبلا عقلانية، وكأن هناك خصومة بينه وبيننا، فلقد ظهرت الكراهية للعرب بصفة عامة وبطريقة فظة وغليظة.
18-: وإلى الآن لم أفهم لماذا استخدم (مور) القرود في هذا الفيلم؟، وأظهرهم في مشهد مثير للقرف والتقزز، وقد اختلفت الكثير من الكتابات حول هذا المشهد، وخاصة إنه ذكر المغرب بعدها، وإن وضع القرود غير مبرر.
19-: لا بد أن أقول في نهاية هذا المقال إن (مور) مخرج مخادع وذكي، لأنه استخدم بعض المشاهد التلفزيونية لتحقيق بعض أغراضه السياسية والنفسية، رغم أن الفيلم يدخل في خانة الأفلام الوثائقية.

* للتواصل: مكة المكرمة: 5366611


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved