Saturday 30th October,200411720العددالسبت 16 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "زمان الجزيرة"

14 محرم 1392هـ الموافق 29-2-1972م العدد 380 14 محرم 1392هـ الموافق 29-2-1972م العدد 380
حكاية

*كتبها: محمد علوان:
.. فركت عينيها.. ثم قذفت بالغطاء.. شعور غامض بالفرحة الواسعة يملأ كيانها.. وصفاء يمنحها قدرة على الرؤيا.. ألوان من الانتظار والترقب لشيء مجهول تضج بصدرها.
صباح الفل والورد .. يا أماه.
شعور في داخلها يطفو.. لم تقدر على تحديده.. مزيج من الرغبة في دفن الاستشهاد بالماضي في كل مناسبة.
تعالى صوت بوق أتوبيس المدرسة.. مرات عديدة.. نوع من الازعاج الرسمي وهرولت أخذت حقيبتها السوداء وارتدت العباءة.. ثم أسدلت الغطاء الأسود الكثيف..
صباح الخير.. واتخذت مقعدها إلى جانب صديقتها.. صافحتها وشوق يخضها وأمنية بالوصول سريعاً لتحدث صديقتها عن الفرحة المجهولة التي تجتاحها والتي تخشاها .. إنها تخاف الفرحة بل تتشاءم منها.
الصباح ربيعي جميل وكأنه يشاركها.. مضت هي وصديقتها إلى الركن المعهود وطفقتا تتحدثان في مواضيع كثيرة..
لقد اختارتها من بين الصديقات وهن كثر.. وتعرف أنها تكبرها بسنين عديدة على أنها تأنس اليها.. بل تنفذ أقوالها في شيء من المتعة والطمأنينة.
أمور كثيرة لا تعجبها.. لكنها لا تملك حيالها شيئاً .. ويصعد الألم وتغيب الابتسامة الحلوة.. لتعود ثانية على صوت صاحبتها وهي تقول:
- منى.. أتحبين أحداً؟؟
سؤال غريب.. والاشد غرابة صوت صاحبتها المرتعش نظرت إليها وقالت في صوت هادئ: نعم انني أحب أبي وأمي واخوتي.. أحب. لكزتها بركبتها وهي تشيح بوجهها.. اخفضي صوتك!!
- اخفضي صوتك؟
قرع الجرس معلناً بدء الدراسة.. ومر النهار.. لم تفقه شيئاً.. فكرها يعمل.. وخاطرها مشغول.. لماذا سألتها ولماذا أسكتتها هل أخطأت في شيء وهل الحب بهذه الرهبة.. الفضول يقلب لسانها.. وأمسكت صديقتها في الساحة الكبيرة بعد نهاية الدراسة ولكنها وضعت يدها على فمها قبل أن تتحدث..
عرفت انها لا تود اعادتها مرة ثانية.
لم تحس الا والاتوبيس يقف فجأة.. رفعت رأسها وإذا بها أمام البيت بحثت عن حقيبتها التي خبئت كالعادة وهي مستغرقة في التفكير.. ولكنها بعد أن وجدتها قالت في استياء: رجاء دعوني من هذا المزاج السخيف.
.. قبلت أمها وحدثتها في عفوية وصدق بكل ما حدث قالت لها كل حرف ونقلت اليها كل اشارة.
لاذت الأم بالصمت.. وارتفع الجدار الفاصل الذي ينهض في كل مرة عند مناقشة موضوع أو إبداء فكرة ..
الصمت اجابة غير مقنعة..
سارت الأم في صمت .. كانت تحدث نفسها..!
- لقد قلت له.. يجب ألا تذهب للمدرسة .. وها نحن عشنا زمناً طويلاً بدون علم وتزوجنا وسرنا في الحياة..
وفي الصباح التالي.
تقوم منى كعادتها لتفاجأ بقرار اندهشت له.. منعها من الذهاب إلى المدرسة.
ابتسمت منى في غبطة وهي تسترجع هذه الذكريات رغم مرور السنين ورفعت صوتها بالنداء لابنتها الصغيرة لتذاكر لها دروسها ودخلت الابنة التي اكتسبت ملامح أمها تلك التي لم تتغير فيها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved