* الرياض- فهد الغريري:
تم يوم أمس الجمعة تخريج الدفعة العاشرة من طلاب الدورة الشرعية التي يقيمها المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد في مخيم التفطير الدعوي بالصناعية القديمة، وقد رعى الحفل الشيخ خلف بن عبدالله المطلق وعدد من العلماء والدعاة بحضور ما يقارب الألفي شخص معظمهم من العمال والمقيمين المسلمين وغير المسلمين.
تبلغ تكاليف الدورة ما يقارب السبعين ألف ريال، كما صرح لنا المدير العام للمكتب عبدالله بن حماد القديري، وهي دورة مجانية خيرية تُقدم بخمس لغات ويُدرس فيها أصول الدين واللغة العربية ومدتها سنتان ونصف السنة، يستفيد منها ما يقارب الخمسمائة وخمسين طالباً يتعلمون وتوزع عليهم الكتب وادوات الدراسة بالاضافة إلى جوائز التخرج بدون أي رسوم.
بدأ الحفل بآيات من الذكر الحكيم تلاها الطالب المصري الشوادفي عبدالعليم محمد (52 سنة)، عقب ذلك كلمة الخريجين ألقاها الطالب الهندي صديق عبدالرؤوف أرزق (45 سنة) باللغة العربية، ثم كلمة راعي الحفل حيث ركز الشيخ المطلق في كلمته على ما يقدمه المخيم من تحسين لصورة الإسلام والمسلمين، حيث قال: عندما دخلتُ المخيم ورأيتُ إخواني من بقاع الارض بلغات مختلفة ذكرني بالأنصار والمهاجرين الذين عندما وصلوا للمدينة استقبلهم إخوانهم وفتحوا بيوتهم لهم وأصبحوا إخوة متحابين.
كما تحدث عما وصل إليه المسلمون من تخلف حضاري مقابل ما وصله غير المسلمين من تقدم وقال: ديننا يحثنا على العلم والتقدم، وللاسف انه انتشر اعتقاد بين أصحاب العمل أن غير المسلم هو الأصلح للعمل، وأصبح المسلمون مبتلين بالفقر والتخلف في التعليم وقلة الموارد بسبب الكسل والخمول وعدم الجد والاجتهاد في أمور الحياة. وختم المطلق كلمته بحث العمال على إتقان العمل ليعكسوا صورة الإسلام الحضارية، وناشد أصحاب العمل بدورهم أن يحسنوا الى العمال ويرفقوا بهم ويعاملوهم بما يقتضيه الإسلام من أخوة بين المسلمين.
وبعد ذلك تم توزيع الجوائز على الخريجين والمتفوقين، وتخلل ذلك عرض لمعلومات عما يقدمه المخيم من خدمات خيرية توزعت بين الدورات الشرعية والتفطير الخيري والمسابقات الدعوية والتي نتج عنها إسلام عدد كبير من المقيمين.
تكاتف ضد الإرهاب
وقد توجهت (الجزيرة) بالسؤال للشيخ المطلق عن رأيه فيما شاهده من جهود ودقة في التنظيم داخل المخيم فقال: مَنْ يزور مثل هذه المخيمات يرى التعاون والتكاتف والمحبة والإخاء والتواضع والعمل من أجل رب العالمين، والإرشاد ورفع المستوى الثقافي والدعوة إلى الله من أناس لا يريدون شيئاً من أمور الدنيا.. لا رواتب ولا مكافآت، يأتون بمثل هؤلاء العمال الضعفاء الفقراء ويعتنون بهم في الافطار والتعليم والنصح والتوجيه فيستفيدون غذاء الارواح والاجساد، وعندما يتحول الإسلام إلى عمل يؤثر في العالم ككل.. ولذلك نرى ان الإسلام لم ينتشر في جنوب شرق آسيا الا عن طريق التجار بتعاملهم، وانا ادعو مَنْ يريد ان يزداد ايمانه ويزداد في عمل الخير ان يزور مثل هذه المخيمات فيزداد ايمانه وحماسه ويرى نفسه انه مقصر في واجب الدين وواجب الاخوة الإسلامية، فيزداد اندفاعاً إلى هذه الأعمال.
وحول التبرع لمثل هذه الاعمال الخيرية وعلاقة ذلك بشبهة دعم الارهاب قال المطلق: كلمة الارهاب عائمة ليس لها حد، فاذا كان الارهاب الاعتداء على الآمنين وسفك الدماء بدون حق، فهذا موجود في كل بقاع الارض منذ ابناء آدم، اما اذا كان المراد به الدعوة الى الله وتمسك المسلمين بدينهم وافتخارهم به واقامة شعائره فهذا مصطلح لا نعترف به ولا نوافق عليه، وعلينا ان ننظر لتاريخ المسلمين كيف نشروا الخير في الارض وبينوا الإسلام على صورته الحقيقية، أما أن نجلس ننظر لأعدائنا متى يرضون علينا فلا يمكن أن يرضوا إلا كما قال الله عز وجل {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}.
وسألنا الشيخ عن كلمته للمحسنين ورجال الاعمال بهذه المناسبة فقال: أقول لهم احمدوا الله الذي جعلكم من تجار الدنيا، واحرصوا ان تكونوا من تجار الآخرة، فإن تجارة الآخرة هي التجارة الحقيقية التي يستفيد صاحبها منها، ولا يكون أصحاب الديانات الأخرى الذين يبذلون الاموال والاعمال لخدمة دينهم اكثر حماساً منا. وقد قرأت في (الجزيرة) انه يوجد في امريكا ما يقارب المليون ونصف المليون من الجمعيات الخيرية التي تبذل التبرعات، وفي إسرائيل أربعون جمعية، ولدينا لا يوجد الا عشرون، وفي ولاية فرجينيا في امريكا أكبر إسكان للطلاب المغتربين وهو ملك ليهودي جعله وقفاً وريعه كله لصالح دولة إسرائيل. وديننا يدعونا لنكون من أوائل الناس، وأن نبتغي تجارة الآخرة، أسال الله لهم أن يجعل قدوتهم أبا بكر الذي قال فيه الله عز وجل {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}، ولا يكون قدوتهم قارون الذي خسر الدنيا والآخرة.
دراسة وجوائز مجانية للطلاب
ولتسليط الضوء أكثر على هذه الدورات وغيرها من نشاطات المكتب التقينا المدير العام للمكتب عبدالله بن حماد القديري وسألناه عن طبيعة هذه الدورة فقال: يقيم المخيم دورات دراسية في العلوم الشرعية للجاليات، مدة الدورة سنتان ونصف السنة، وهي مجانية، وهذه الدورة هي العاشرة، وقد تم اختيار خمس لغات: الاوردو والبنغالي والمليباري والتاميلي بالاضافة الى اللغة العربية، مستوى الدورات غير عالٍ فهي تبدأ من الاساسيات، وعموم الموجودين مستواهم الدراسي ضعيف ولديهم جهل وبدع ومخالفات سلوكية وأخلاقية، والدورة تركز على معالجة جميع هذه الجوانب. تتكون الدراسة من خمسة فصول دراسية يتخرج بعدها الطالب، المواد تختص بالعقيدة والحديث والفقه والقرآن والسيرة بالإضافة الى فصول جانبية لتعليم اللغة العربية لإتقان قراءة القرآن، والدراسة تكون خلال يومين في الاسبوع مراعاة لظروف عمل الطلاب. بدأت الدورات بستين طالباً ووصلت الآن الى خمسمائة وخمسين طالباً تستوعبهم ثماني قاعات دراسية، المكتب يوفر لهم مواصلات حافلات مكيفة من وإلى مناطق تجمعهم، ووجبة عشاء، وأيضا الكتب، وكل هذه مجانية بالإضافة إلى الجوائز والهدايا التي نقدمها للخريجين. يشارك في التدريس خريجو الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة من جنسيات مختلفة، ويوجه كل واحد لتدريس أبناء جلدته، أما بالنسبة للطلاب العرب فيدرسهم إما دعاة عن طريق وزارة الشؤون الإسلامية أو أحد خريجي الكليات الشرعية في الجامعات ولا نقبله إلا بتزكية، وقد شاركنا أيضا أكاديميون حيث كان معنا استاذ مشارك في جامعة الملك سعود للتدريس في قسم الثقافة الإسلامية بالدورة، وقد وجدنا صدى كبيراً بين الطلاب، وبدلاً أن نشجعهم يقومون هم بتشجيعنا للمواصلة ولتوسيع الدورة، وقد وجدنا دعماً من المسؤولين حيث سبق أن رعى حفل التخرج معالي وزير الشؤون الإسلامية، ومرة أخرى وكيل الوزارة، بالإضافة الى عدد من العلماء في دورات أخرى.
وعن تكاليف الدورات وطريقة توفير المكتب لها قال:
الدورة الشرعية الواحدة تكلف ما يقارب السبعين ألف ريال، والمصروفات إما أن تأتي عن طريق توجيه دعوات لبعض المحسنين فيأتي ويقف على عملنا ويساهم، أو من التبرعات العامة التي تأتي للمكتب.وحول شبهة دعم الإرهاب التي قد تطال مَنْ يتلقون التبرعات للأعمال الخيرية قال:
لا نخاف من شبهة دعم الإرهاب؛ فالتبرعات تأتي بشكل مباشر للدورة الشرعية وتكون مخصصة بسندات استلام وأوامر صرف محددة وواضحة، كما ان مواضيع الدراسة تُساهم في معالجة الإرهاب وتبيان خطره وليس العكس.
وعن نشاطات المكتب الأخرى يقول القديري:نشاطات المكتب مستمرة طوال السنة، كإقامة المحاضرات بالتنسيق مع الوزارة، بالإضافة الى الكلمات والدروس القصيرة أثناء الصلوات للجاليات، ومن الأنشطة الإضافية المسابقات الكبرى حيث تكون نوعية المسابقات والجوائز من الحجم الكبير، حيث عمل المكتب مسابقتين واحدة على مدينة الرياض والاخرى على منطقة الرياض باللغتين الانجليزية والاندونيسية، حيث استهدفت الاولى الفئات العليا كالأطباء والمهندسين والمديرين التنفيذيين في الشركات، وكانت موجهة لغير المسلمين لدعوتهم إليه عن طريق كتاب متميز اسمه (الدليل المصور لفهم الإسلام)، وقد وزع على نحو سبعين ألف شخص شارك منهم عشرة آلاف شخص قرؤوا الكتاب والمسابقة وأجابوا على الأسئلة ووصلتنا إجاباتهم.. بمعنى أنه قد يكون هناك من قرأ ولم يشارك، وهذا هو هدفنا الأساسي، وقد أسلم منهم أكثر من مائة شخص.وقد عملت أيضا مسابقة للجالية الاندونيسية التي تُعد من أكبر الجاليات في المملكة، ولكن بسبب تواجدهم داخل البيوت فإن الدعوة قد لا تصلهم فوضعت المسابقة لهم بالذات، وحُدد ثلاثةُ كتب اثنان منها للشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- والثالث لمؤلفة إندونيسية معروفة، ووزع منها قرابة ربع مليون نسخة، وصل من الإجابات نحو الأربعين ألف مشارك ومشاركة.
|