حينما يمر القمر تلو تلك الأقمار، وحينما تتلألأ النجوم خلف ستائر الظلام مبدية ضوءها الأخاذ في صفحة السماء محاولة بضوئها إخفاء نور قمرٍ قل مثيله وانعدم وجوده حتى موعده عبر كل تلك الشهور الغابرة، أتى ذلك الحبيب بعد طول غياب أتى ذلك المؤنس بعد طول وحشة، أتى ليربع على عرش قلبي ويتملكه في كل لحظة من لحظات حياتي، أو كأن لسان حال قلبي يقول أقبل أيها الغائب، أقبل أيها الغالي أقبل يا راحة العليل،
ويا مهجة الفؤاد قدمت وبقدومك الدنيا أشرقت وتزينت لياليها أهلا وسهلا بالصيام أهلا وسهلا بالحبيب الذي، وكأنني به في قرارة نفسي يصارع تساؤلات أحسست بها حتى أذعنت لها، فلما أذعنت لها تعرَّاني الخجل فعتاب ألزمني الصمت، فنظرات سلبت براءتي، فقلت له وكأني بك يا شهر الرحمة تُدنْدِن حول ذلك الواقع وتريد أن تقول ألم أودعكم وأنتم طاهرون، ألم أودعكم وأنتم عائدون تائبون ألم أودعكم، وأنتم متوحدون لماذا كل عام آتي فأجدكم غير الذي تركت، لماذا آتي وأرى حالكم يزداد سوءًا على سوء، إلى متى، وهذه الحال تلازمكم، إلى متى وكل عام يأتي يأتي مثل سابقه، لماذا حينما أودعكم في تلك الليالي اليتيمة تسارعون بالمعاصي، وكأن شيئا لم يكن إلى متى... إلى متى... إلى متى.
|