كان أول اسم يطرق أسماعنا في كل صيف منذ ثلاثين عاماً أو أكثر (الطائف)، ولعل لقربه من مكة المكرمة وسهولة الوصول إليه ما عزز ذكره وشهرته، ثم اختيار الملك عبدالعزيز رحمه الله وأبنائه من بعده ليكون مقراً للحكومة في الصيف كان عاملاً آخر رفع مكانة الطائف وأعلى قدره.
واليوم تتربع مدينة الطائف بجانب مصايف المملكة الأخرى على مجد قديم جديد، فجمال جوها هو هو قديماً وحديثاً، وطيبة أهلها هي هي قديماً وحديثاً، ويُضاف إلى ذلك التميز وتلك الشمائل تقدم عمراني، وتُقدم في المواصلات، وحسن الطرق، والتخطيط السليم للمنتزهات وأماكن الترفيه، مما أكسب الطائف متعةً على متعة وجمالاً على جمال.
وحينما هيأ الله لي زيارة قصيرة للطائف في صيف هذا العام رأيت كل ذلك واضحاً جلياً.
ولقد رأيت شيئاً جديداً لم اره من قبل، فلقد حضرت بتيسير من الله وفضله إحدى الليالي في (مهرجان الهدا الصيفي السادس) فسرني كثيراً ما رأيت؛ سررت كثيراً للبرنامج الذي رأيته لأنه جمع بين المتعة والفائدة، كان برنامجاً منوعاً، ففيه الرياضة البدنية في كرة القدم واختراق الضاحية وغيرهما، وفيه البرامج الاجتماعية والثقافية والترفيهية التي أعد لها المشرفون على المهرجان إعداداً دقيقاً سليماً مشوقاً، يستمتع فيه الصغير والكبير، واشتمل البرنامج على المحاضرات الاجتماعية والصحية والتوعوية بأمور الدفاع المدني وغيرها، كما اشتمل على الأناشيد والمشاهد الفكاهية المسلية الهادفة.
ولم يقتصر البرنامج على تقديم فقرات وبرامج للرجال فقط، بل إن إدارة المهرجان خصصت مكاناً للنساء تقدم فيه برامج لهن بالإضافة إلى نقل البرامج التي تقدم للرجال إليهن صوتاً وصورةً بشاشات تلفزيونية، فكأن المهرجان بحقٍ صورة مشرقة من صور تميز بلادنا- حفظها الله من كل سوءٍ- في برامج السياحة ونفعها للقريب والبعيد، وإبقاء الوطن في القمة من حبنا وتفضيلنا له على سائر البلدان القريبة والبعيدة.. وهنا همسة في أذن كل مسؤول في (المصيف الأول) همسة حب وغيرة ووفاء.. همسة دفعني إليها صورة غير جميلة رأيتها في الشفا وفي الردف، صورة يعلوها الغبار والفوضى، صورة لا يستسيغ معها المصطاف أكلاً ولا شرباً، ولعل المراد من تلك الصورة لا يخفى على كل مسؤول أو زائر.. فدبابات الأطفال حوّلت الشوارع والميادين والممرات إلى (عوافير) لا يهدأ غبارها، وفوضى السيارات والجمال وغيرها كدرت صفو الجو والمكان، وسوء وضع الباعة المتجولين والثابتين زاد الصورة سوءاً.
فهل من الممكن أن تتخذ لجنة التنشيط السياحي، ومسؤولو بلدية الطائف وغيرهم من المسؤولين خطوات تكفل تنظيم وضع تلك المصايف الجميلة ليبقى هواؤها عليلاً صافياً؟!!
لماذا لا ينظم وضع الدبابات ووسائل الترفيه الأخرى بوضع أماكن خاصة لا يتجاوزونها ووضع حدود لأماكن الجلوس تمنع السيارات من المرور بجانبها وإثارة الغبار والأتربة ولماذا يضعف نشاط قسم النظافة في البلدية.. أسئلة أجزم أن من يهمهم الأمر حريصون عليها لتبقى الطائف مصيفاً متميزاً، ويهنأ الزائرون لها بجو رائع لا يكدره فوضى عابثين ولا عبث فوضويين. حفظ الله الطائف وسقاها وابل المزن وحفظ لبلادنا عامة أمنها ورخاءها واستقرارها إنه سميع مجيب.
|