إن قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 24 جمادى الآخرة 1425هـ والمتضمن الموافقة على الترخيص لاتحاد الاتصالات الإماراتية بإنشاء وتشغيل شبكة الهاتف الجوال مقابل اثني عشر ألفا ومائتين وعشرة ملايين ريال مقدمة لهيئة الاتصالات بداية لخطوة إيجابية كبيرة في فتح مجال التخصيص، وقد أسعد الخبر بلا شك الجميع، وان هذا المبلغ الكبير الذي صرحت به هيئة الاتصالات السعودية بأنه الأغلى على مستوى التراخيص يدل على ثقة المستثمرين الكبيرة في مجال الاستثمارات بالمملكة وقدرة التحديات المواجهة حيث ان هذا القطاع يعتبر قطاعاً حيوياً مهماً يدفع بالمستثمرين الاستثمار والمساهمة فيه، أما عن طرح نسبة عشرين بالمائة من أسهم رأس المال للاكتتاب العام سيدفع الكثير والكثير من المساهمين إلى سرعة التقدم بطلب الاكتتاب لتعطش جانب الاستثمار بالمملكة وحاجته الماسة للتنوع، أذكر على وجه الخصوص طرح أسهم الصحراء للبتروكيماويات حيث بلغ إجمالي الاكتتاب العام في البنوك المحلية أكثر من سبعة وثلاثين مليار ريال رغم قلة المبلغ المطروح للأسهم وهو 300 مليون ريال بقيمة خمسين ريالاً للسهم مما يؤكد أن تغطية الاكتتاب بهذا القدر الهائل تعطي إشارة واضحة إلى حجم السيولة الكبيرة في أيدي المواطنين وتدل أيضاً على محدودية الفرص الاستثمارية في المملكة وكذلك محدودية مجالات الاستثمار الأمر الذي أدى إلى تدفق المواطنين بالاستثمار في أسهم الصحراء وأن الطلب أكثر بكثير من العرض حيث إن المملكة مهيأة من جميع النواحي الاستثمارية جعلت حتى المستثمر الأجنبي يتجه نحوها، ومن أولويات ذلك الاستثمار قطاع الاتصالات الذي يعتبر من أضخم المشاريع التنموية ذات المردود المالي الهائل خاصة في مجال الهاتف الجوال الذي بلغ عدد المشتركين بهذه الخدمة أكثر من ثمانية ملايين شخص وفي السنوات القليلة القادمة سيتجاوز هذا المعدل إلى الضعف مع ازدياد ونمو حجم السكان بالمملكة حيث لا يزال قطاع الاتصالات فيه محتكرا لشركة الاتصالات ومع دخول المنافس الجديد سيكون هناك تنافس في تشغيل الخدمات المميزة لأن خدمة الجوال لا تزال تفتقر إلى الكثير من الخدمات وتعتبر دون المستوى المطلوب ناهيك عن تغطية الهاتف الجوال والتي تمثل 30% من مساحة المملكة وأمل المشتركين بأن تقوم شركة اتحاد الاتصالات بتغطية الـ70% الجزء الباقي من المساحة، ولأن مفهوم الخصخصة يفتح مجالا واسعاً للتنافس العادل في تقديم الأفضل بين مشغلي الخدمة لجذب أكبر عدد ممكن من المشتركين الذين يمثلون الهدف الأكبر للربح بجانب الأسهم المطروحة ومحاولة كسب ثقتهم بالمشغل الجديد بعرض أفضل ما يمكن عرضه من الخدمات والمميزات للجيل الثالث والارتقاء نحو الأفضل ومحاولة إيجاد حل لمشاكل الشبكة في أوقات الذروة أو المواسم التي طالما تذمر منها الكثير من المشتركين ويأملون من المشغل الجديد أن يساهم في القضاء على هذه المشكلة بالإضافة إلى تعثر المكالمات وضعف الاستقبال والأهم من ذلك خفض تسعيرة المكالمات ورسوم الجوال التي أصبحت هاجساً يؤرق الكثير من المشتركين الذين يتمنون إعادة النظر فيها، ولا يقل قطاع الكهرباء أيضاً أهمية لأنه يمثل جزءاً هاماً جداً فهو عصب الحياة، فهنالك الكثير من القرى تفتقر إلى الخدمة الكهربائية ناهيك عن كثرة انقطاعات الكهرباء ومشاكل إيصال التيار وتزداد في فترة موسم الصيف مع العلم أن تلك الانقطاعات تعتبر شيئا طبيعياً لحجم الضغط الهائل على الشبكة وبالتالي يؤدي إلى ضعف وانقطاع التيار الكهربائي ولكن حين دخول شركات أخرى مرخصة تسعى إلى تقديم الخدمة الكهربائية سيكون التنافس من صالح المشترك من حيث نوعية الخدمة وجودتها وعندما أتحدث عن المنافسة فإنني أعني السباق بين الشركات على الحلبة والهدف هو ثقة الجمهور بالشركة لأنها تعتمد اعتماداً كليا على توجه المشتركين لديها بسعيها إلى رضا المشترك أولاً ومن ثم الربح في منافسة عادلة بين الشركات في تقديم الخدمات، فالاحتكار دائماً ضد المشترك وليس له أي ايجابيات سوى الربح المادي فقط.
وفي الختام أتمنى دخول شركات طيران تسعى إلى تقديم أفضل الخدمات بجانب الخطوط السعودية التي تمثل قطاعا هائلاً في مجال النقل الجوي والذي لايزال يحتاج إلى تطوير من ضمنها على سبيل المثال لا الحصر ضغط الحجوزات وعدم توفر أماكن شاغرة طالما سئم الناس من سماعها في كل مرة يقومون فيها بطلب الحجز خاصة في فترات المواسم حيث تضطر إلى الحجز قبل الموعد بأسابيع كثيرة لعلك تجد مقعداً وربما بل أحياناً كثيرة لا تجد المقعد المطلوب ولديك مهمة عاجلة ضرورية أو عمل ملح فتضطر إلى بديل آخر وهو السفر بالسيارة حيث إنها أكثر مشقة وأطول وقتاً وأنت ليس لديك الوقت الكافي لذلك ولو أن هنالك شركات أخرى للطيران لما كان هنالك ضغط ملحوظ على الرحلات حتى لو أردت الحجز في نفس اليوم لوجدت إمكانية ذلك بسهولة ويسر لتوفر شركات الطيران المنافسة، ومن هذا المنطلق فإنني أرى أن أهم القطاعات الاستثمارية الضخمة بالمملكة من حيث تهيئتها للاستثمار والخصخصة بشكل ناجح هي القطاعات الثلاثة الاتصالات والكهرباء والطيران فكل هذه القطاعات بحاجة ماسة للتخصيص وفتح باب المنافسة بوجود منافسين نحو تقديم الخدمات والسعي للتطور والتقدم لأفضل الخدمات بكافة المستويات وبأسعار مناسبة ترضي بها جميع الناس.
|