Saturday 30th October,200411720العددالسبت 16 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "منوعـات"

وعلامات وعلامات
إلى مدير الأمن العام 1-2
عبدالفتاح أبو مدين

* ما كنت لأزعج الأخ الفريق سعيد القحطاني مدير الأمن العام في الأيام المواضي، لأن بلادنا تعرضت إلى الأذى من أبنائها الذين شذّوا عن سواء السبيل، فجنحوا إلى الشغب والتخريب وقتل نفوس بريئة، والله لا يحب الفساد، وقد دحروا وانكسرت شوكتهم، ورد الله كيدهم في نحورهم وكفانا بفضله ورحمته شرورهم، وعلى الباغي تدور الدوائر!
* أما وقد انهزمت الفئة الباغية، وسيقضى على البقية الباقية بشجاعة وأيدي الباسلين من حماة الأمن في وطننا الغالي، فإني أسوق إلى مدير الأمن العام ما هو عليم به من الفوضى المرورية في الوطن العزيز، فشوارع مدننا خالية من جندي المرور الفاعل، وإذا رأيت واحداً أو أفراداً، يتكئ هذا الفرد على دراجته النارية، ينظر فقط إلى سيول وأرتال المركبات، ولكنه يبصر فقط ولا يدخل في شيء، وكأن وجوده في تقاطع مروري يُظن أنه يخيف السائقين، وهذا تقدير لا قيمة له!
* وإن وجد أجهزة عند تقاطع الشوارع الكبرى تصور المتجاوزين من قاطعي إشارات المرور، فان هذا وحده لا يكفي.. والأخ الكريم مدير الأمن العام، لا ريب أنه سافر إلى بلاد عربية وغير عربية، ورأى حركة المرور هناك، ولا بد انه رأى ضباطاً بدرجات عسكرية تصل إلى رتبة عميد، يتابعون حركة المرور، يوقفون المخالف، ويعاقبون المتجاوز، فالشوارع إلى ساعة متأخرة من الليل فيها عيون يقظة متابعة ومحاسبة على أي تجاوزات، لأن التعامل مع البشر لا سيما في الوطن العربي شيء عسير، والردع لا يتم بنصح وكلمات، لأن الذي يعرف الخطأ ويرتكبه، يحتاج إلى عقاب رادع عبر مراحل، يصل إلى الحرمان لزمن من قيادة السيارة، وقد يصبح كلياً إذا لم يرتدع المتجاوز، ومن المسلم به ان الذي لا يحترم النظام لا يحترم نفسه، ولا يحترم وطنه!
* كان في إمكاني أن أقدم نماذج كثيرة من الأخطاء في شارعنا المروري، لكني واثق من ان الأخ مدير الأمن العام في بلادنا وكذلك مديري إدارات المرور ومن معهم، في غنى عن شرح حال شوارعنا في مدننا الكبرى وقرانا والملحقات، لأنا جميعا تقلنا أرض واحدة، وتظلنا سماء الوطن الغالي، الذي يطالبنا لو ان له لساناً، ان نكون منصفين، نتحمل مسؤولياتنا، لأن هذا الكون قام على النظام الإلهي الحق، ونحن استخلفنا في الأرض، لنسوس أنفسنا بالقسطاس المستقيم، وذلك أمانة من الأمانات الكثر، التي احتضنها الإنسان الضعيف المفرط فيها، ولكنه لم يؤدها، فكان ظلوماً جهولاً!
* أقول للأخ الفريق، إن السرعة غير المنضبطة في داخل المدن وأطرافها، ينبغي ان تعالج بعزم وحزم، ولا يكفي الكلام وحده، عبر وسائل النشر، وما تركن إليه إدارات المرور من تنبيهات وتحذيرات.. هذا يجدي مع أمة واعية تدرك حدودها، ومساحة المتاح، والالتزام دون التجاوز، أما مع العامة، فلا سبيل إلى الحد من المخالفات إلا بالسبل الرادعة العنيفة في تدرج مراحل متتابعة.. ولقد شاهدت مساء الأربعاء 6-9-1425هـ، وقت صلاة العشاء في طريق مطار جدة اثنين من المجانين يتسابقان و(يسقطان) على أرتال السيارات، وواحدة من السيارتين حذفت وخرجت عن الطريق، ولا أدري ما فُعل بها.. ولا أنتظر ان يقول لي الفريق أو مدير عام المرور، إنه لا يمكن ان يتابع كل سائق سيارة جندي مرور، غير ان العقاب المادي والسجن والحرمان من قيادة السيارة، وهذا لا يتم إلا عبر شبكة مرورية بسياراتها و(دباباتها) تلاحق المخالفين وتتخذ معهم الإجراءات الرادعة السريعة الفاعلة!
* إذا قلت إنه ليس عندنا سبل تحكم الشارع المروري، وان شوارعنا خالية من جندي المرور العامل القوي الصارم، فلا أعدو الواقع.. ذلك أننا بشر ولسنا ملائكة يمشون في الأرض في استقامة لا يقاس عليها، وما دام الأمر كذلك، فغياب من يراقب ويعاقب ويتابع الحركة المرورية، يفضي إلى فوضى عارمة لا حدود لها.. ولا أعتقد ان حكومتنا ترتاح إلى هذا النقص والخلل الممتد زمنه، ونحن مسؤولون ومواطنون، ندرك ان بلادنا تتسع رقعها، وان عدد السكان يزداد كل يوم، وان المركبات التي تجري في الشوارع تزيد بشراهة لا حدود لها، لأنه ليس ثمة شيء من بدائل، وان من يدفع الرسم يحصل على رخصة قيادة، بدون شيء من كفاءة وقدرة، وهذا شيء مضحك ولكنه ضحك كالبكاء، ولا يحصل في الدنيا العريضة، لكنه عندنا متاح وميسور، ثم يُعطى أو يشتري مركبة وينطلق يخرب ويصدم، وهو لا يفقه ألف باء قيادة السيارة، ولا يفهم لسانه.. على حين نرى في البلاد المتقدمة، ان من يطلب رخصة قيادة يخضع لامتحان طويل مكتوب بلغة البلد، وتتجدد كرة الامتحان، إذا لم ينجح في الأولى والثانية.. أما عندنا، فهي بلا ثمن بل بمزيد من الضرر والأذى! ولا أعرف أمة تدرك مسؤوليتها وخطر هذه المسؤولية، يحدث فيها مثل الذي عندنا، ونحن نعي ولا نعي هذه المخاطر، غير انها مع الأسف مستمرة ومتجددة، ونحن لا نحرك ساكناً أو لا نسكن متحركاً إن صح هذا التعبير، كأن الأمر لا يعنينا من بعيد أو قريب!
* أقول ما أكثر ما نرى من عبث في الشارع المروري، غير كسر الإشارة المميت، و -السقوط- من اليمين والشمال على السيارات المنطلقة من شباب طائش ومن أصحاب سيارات اللوميزين، والحافلات الصغار التي تسير على هواها وتقف فجأة وكيفما يحلو لها، وأردد: (حدّث عن البحر ولا حرج)، كما نقرأ في المثل الدارج، ولا أحد منا يرضى بهذا السلوك المشين، الذي يصنّفنا وكأننا في غابات، ليس فيها شيء من حق أو عدل!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved