الكتاب :The Darling
المؤلف : Russell Banks
الناشر: HarperCollins
ولدت ليبيريا عام 1821 من رحم التزاوج بين النزوع إلى عمل الخير والعنصرية. لذلك فإن ليبيريا تلك الدولة التي تقع على الساحل الإفريقي على المحيط الأطلنطي هي طفل هجين للتاريخ الأمريكي. فقد كان الليبراليون الأمريكيون الذين يرفضون نظام الرق في الولايات المتحدة موجودين في الشمال وكان ملاك العبيد موجودين في الجنوب.
وثار الجدل بين الجانبين بشأن مصير هؤلاء العبيد إذا ما تم الاتفاق على تحريرهم. لذلك فكر الجانبان في مستعمرة أمريكية على الساحل الإفريقي تكون موطناً للزنوج الذين يتم تحريرهم في أمريكا. وفيما بعد تم شحن حوالي 15 ألف أمريكي من أصل إفريقي إلى هذه المستعمرة التي اختاروا لها اسم ليبيريا وهو اسم مشتق من كلمة (الحرية) باللغة الإنجليزية. وبالطبع كان هؤلاء الخمسة عشر بمثابة النخبة بين سكان هذه المستعمرة الأصليين وفرضوا سيطرتهم عليها. ولكن حكمهم لم يكن ديموقراطياً ولا عصرياً كما كان الحال في الولايات المتحدة فغرقت المستعمرة في دوامة الديون والأزمات والصراعات المسلحة حتى اليوم. وقد حرصت الولايات المتحدة باعتبارها الأب الروحي لكل الصراعات التي تعاني منها ليبيريا على بذل كل الجهود من أجل إقامة علاقة مناسبة مع ليبيريا. وبدلاً من مساعدتها فإنها تتجاهلها أو تزيد من مشكلاتها.
والحقيقة أن التعامل مع هذه العلاقة المعقدة بين الولايات المتحدة وليبيريا على مدى حوالي قرنين من الزمان تحتاج إلى باحث ذي قدرات خاصة حتى يمكنه البحث في تداعياتها على حياة الأفراد أنفسهم. وقد تصدى المؤرخ روسيل بانكس لهذا التحدي ووضع روايته الرائعة (المحبوب) التي نشأت فكرتها أساساً من خلال البحث الذي كان يجريه من أجل روايته الأولى (انشقاق السحب) التي فازت بجائزة (بوليتزر) عام 1998وهي أرفع جائزة أدبية في الولايات المتحدة.
والحقيقة أن بانكس لم يهتم على الإطلاق وهو يكتب هذا الكتاب (المحبوب) بجعلنا نحب أبطال الرواية. فالراوي في هذه الرواية هي هانا موسجراف (التي ترتدي ملابس الحداد دائماً) والتي تبلغ من العمر 59 عاماً والتي تنظر إلى حياتها الماضية التي كانت عبارة عن مغامرة مخيفة بكثير من الأسف.
وباعتبارها ابنة طبيب أطفال شهير فإنها حصلت على كل شيء باستثناء الخصوصية والعلاقة العاطفية الحقيقية. لذلك تركت عائلتها مبكراً لتصبح الحركة الدؤوبة سمتها التي تدفعها إلى الرحيل المستمر طوال حياتها.
في أواخر الستينيات انضمت إلى مجموعة متطرفة تعرف باسم (المناخ تحت الأرض) وهي تضم مجموعة من الشباب الأبيض في أمريكا يأملون في القيام بثورة اجتماعية في الولايات المتحدة.
ومن خلال وجودها في هذه الجماعة كرست نفسها لانتهاك كل قواعد المجتمع البرجوازي بالإضافة إلى تزوير بطاقات الهوية وتصنيع المتفجرات لزملائها في الجماعة.
وفي السبعينيات ظلت على قائمة أخطر المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.
ولكنها نجحت في الفرار إلى غرب إفريقيا. وهناك حصلت على وظيفة في معمل قديم للأدوية بليبيريا حيث كانت مسؤولة عن العناية بمجموعة من القرود المصابة بأمراض محددة لأغراض البحث العلمي.
ولم يكن هذا العمل هو المشروع الذي يمكن أن يستهويها في البداية ولكنها سرعان ما أدركت أن هذه المخلوقات البكماء والتي تعاني من مأساة غالباً ما تكون من صنع البشر هي الأولى باهتمامها من هؤلاء الناس السود الذين طردوا من وطنهم.
والحقيقة أن بانكس في هذه الرواية وصل إلى أقصى درجات الحدة في التعامل مع موضوعه وهانا التي لم تبقي لنفسها على شيء في الوقت الذي كانت مندفعة فيه لتحقيق مثالياتها لتصل هي أيضاً إلى أقصى درجات التطرف حتى تقول إن (التقمص العاطفي هو الأنانية). وتركزت كل احتجاجاتها وكل نشاطها وكل جهودها الشجاعة من أجل حماية قرود الشامبانزي. كل هذه الجهود كانت جزءاً من (جنون تقديس الذات). وقادتها نزعتها المثالية في التعامل مع السود إلى الزواج من مسئول ليبيري زنجي كان يرى أن بشرتها البيضاء يمكن أن تفيده في مشواره السياسي في البلاد. وقد أنجبت ثلاثة أطفال من هذا الزوج وعاش الزوجان في صفوف الطبقة العليا من مجتمع العاصمة الليبيرية الذي كان طبقياً إلى أقصى مدى. ووجدت هانا نفسها تعيش نفس الدور الطبقي الذي كانت تعيشه أمها وتمردت هي عليه وهو المصير الذي أثار فزعها وأصابها بالإحباط.
والحقيقة أن رواية (المحبوب) ليست سهلة القراءة ولكنها في الوقت نفسه من الصعب تركها دون قراءة. والحقيقة أن مشاهد العنف في بداية الكتاب مخيفة حقا.
|