* باريس - بقلم اندالسيو الفاريز - ا ف ب:
يعكس قرار فرنسا استقبال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رمز القضية الفلسطينية الذي أضعفه المرض والعزلة السياسية في مبادرة تعكس دعمها الثابت لرئيس السلطة الفلسطينية.
وقد انتقل الزعيم الفلسطيني الذي يبلغ من العمر 75 عاماً والمحاصر في مقره في رام الله منذ كانون الاول - ديسمبر 2001، بمروحية الى عمان حيث انتظرته طائرة ارسلتها السلطات الفرنسية وأقلته إلى باريس التي وصلها قبل ظهر أمس الجمعة.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن (فرنسا ستستقبل بطلب من السلطة الفلسطينية ياسر عرفات لإدخاله المستشفى وترسل طائرة الى المنطقة لنقله).
وأوضح مصدر قريب من عرفات مساء الخميس أنه سيتوجه إلى باريس لكن لم تنشر اي معلومات عن المركز الطبي الذي سينقل اليه.
وقالت مصادر متطابقة: إن عرفات الذي يناضل منذ ستين عاماً لإقامة دولة فلسطينية يعاني من سرطان في المعدة منذ ثلاث سنوات.
ومنذ أيام يتناوب الأطباء لمعالجة (خلل دموي) أي تدمير صفائح الدم بخلايا يفترض أن تكافح الجراثيم ، وظهر عرفات مساء الخميس في صور بثها التلفزيون الفلسطيني معتمرا قبعة من الصوف بدلاً من كوفيته المعروفة، وبدا نحيلا لكنه مبتسم. وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك عبر لعرفات عن (تمنياته الصادقة بالشفاء) وكتب شيراك إن (فرنسا كما تعرفون تدعم التطلعات التي تجسدونها لاقامة دولة فلسطينية قابلة للاستمرار وسلمية وتنعم بالرخاء الى جانب دولة اسرائيل مطمئنة على أمنها). وكان المسؤولون الفرنسيون من اوائل الشخصيات الرسمية في الاتحاد الاوروبي التي زارت باستمرار عرفات الذي انتخب في 1996 رئيسا للسلطة الفلسطينية، منذ ان حاصرته القوات الاسرائيلية في مقره في رام الله.وفضل وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه في نهاية حزيران - يونيو الماضي الغاء زيارة إلى إسرائيل بدلا من التخلي عن لقائه. قال بارنييه في 19 تشرين الأول - اكتوبر في إسرائيل: إن فرنسا ترى ان عرفات الذي تجاوزته الحركات المتطرفة والمتهم بقيادة نظام يتسم بالفساد، يبقى الرئيس المنتخب للفلسطينيين وطرفا لا يمكن تجاوزه في البحث عن السلام. واكد انه (لن يجري اي شىء بدون عرفات او ضده).
وكانت فرنسا قامت بتحرك اول في صيف 1982 لانقاذ حياة رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي كانت تهدده القوات الاسرائيلية في بيروت في اطار اجتياحها لبنان للتخلص من المقاتلين الفلسطينيين المتمركزين فيه منذ 1970. وبمبادرة من الرئيس الفرنسي حينذاك فرنسوا ميتران ساعد العسكريون الفرنسيون في اجلائه. وقد غادر العاصمة اللبنانية بحماية جنود فرنسيين في 30 آب - اغسطس 1982 متوجها الى اثينا ومنها الى تونس.
وتعود أول زيارة قام بها عرفات الى باريس الى الثاني من ايار - مايو 1989 حيث استقبله الرئيس ميتران بعد ستة اشهر من اعلان منظمة التحرير الفلسطينية قبولها قرارات الامم المتحدة التي تنص على الاعتراف بدولة اسرائيل، وبعد بدء حوار رسمي بين الولايات المتحدة ومنظمة التحرير.
والعلاقات التي تربط بين الزعيم الفلسطيني وشيراك الذي انتخب في 1995 وثيقة ايضا.
وقد قال عرفات خلال زيارته السادسة للرئيس الفرنسي في كانون الثاني - يناير 1997 انه يلجأ الى (الدكتور شيراك) عندما يواجه مشكلة. وكانت اسرائيل التي تزعم ان الزعيم الفلسطيني يشجع الارهاب ولا تعتبره شريكا سياسيا يتمتع بالمصداقية، اعلنت انها لن تمنعه من التوجه الى اي مكان للعلاج حتى في الخارج ولن تمنعه من العودة بعد ذلك. وكان مسؤول فلسطيني آخر هو جورج حبش قد ادخل المستشفى في فرنسا قبل 12 عاما، وقد عولج مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، البالغ من العمر اليوم 78 عاما، في اواخر كانون الثاني - يناير 1992 ثلاثة أيام في مستشفى هنري دونان التابع للصليب الاحمر الفرنسي في باريس. ونجمت عن ادخاله المستشفى مجموعة من الملابسات القانونية والطبية.
ففي 27 كانون الثاني - يناير 1992، اتصل الهلال الاحمر الفلسطيني في العاصمة التونسية، بالصليب الاحمر الفرنسي طالبا ادخال مسؤول فلسطيني كبير المستشفى وهو في حالة صحية حرجة. وعرف بعد ساعات انه جورج حبش وبعد يومين، وبالاتفاق مع وزارة الخارجية الفرنسية (الكي دورسيه)، هبطت الطائرة التي استأجرها الصليب الاحمر الفرنسي في باريس مما اثار دهشة وزارة الداخلية. ونقل جورج حبش الى مستشفى دونان. وقال الصليب الاحمر انه من خلال استقبال جورج حبش (يحافظ على مبدأ الحياد). وفيما احتجت شخصيات من المعارضة اليمينية على استقبال جورج حبش، اوضح الكي دورسيه ان الموضوع (طبي) وان ليس هناك (مذكرة بحث وتقص في فرنسا) وفي 31 كانون الثاني - يناير، اصدر القاضي جان - لوي بروغييير مذكرة توقيف في حق جورج حبش في شأن العثور على اسلحة في غابة فونتانبلو جنوب باريس، لكنه لم يتمكن من استجوابه بسبب رفض اطبائه، وأدى ادخال جورج حبش المستشفى الى إقالة ثلاثة من كبار موظفي (الخارجية) الكي دورسيه هم فرانسوا شير، الامين العام، وبرنار دسيدجيان وكريستيان فيغورو. اما جورجينا دوفوا رئيسة الصليب الاحمر فاستقالت من منصبها.
|