Saturday 30th October,200411720العددالسبت 16 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

جداول جداول
مكة المكرمة.. نهار محبة وأنهار رحمة!
حمد القاضي

من أين أبدأ قصة الحب الزاهية؟
عفواً.. هل هي منتهية حتى أبدأها.. وهل هي غائبة حتى أحضرها.. وهل هي بعيدة حتى أدنيها؟
(مكة المكرمة)
في وجداني ووجدان كل مسلم قصة وجد لا تموت.. وهي بين جوانحي وجوانح كل مؤمن جناح عز لا يهون، وهي بين أضلعي عطر يتضوع نفحاً روحانياً أطفئ به لهب الخوف في نفسي.
(مكَّتي)
(غرامك في روحي وذكرك في فمي
وذكرك في قلبي فأين تغيبي)
أما ناسها.. أما أبناؤها.. أما الساكنون بها فهم من خير الناس كيف لا وهم المجاورون لحرمها. المتدثرون بعبق روحانيتها. المستوطنون ترابها الذي مشى عليه محمد وأبوبكر وعمر وخالد وصناديد المسلمين.
***
** ما صافحت عيناي جبال مكة المكرمة وما وطئت قدماي ثراها الطاهر وما تكحَّلت عيناي بمرأى الكعبة المشرفة إلا وتذكرت قصة صديق عزيز عليَّ يسكن مكة منذ أكثر من عشرة أعوام ولا يرضى بها بدلا، أو عنها حولا.. لقد كان قبل سنوات مستحقاً للترفيع إلى مرتبة أعلى من مرتبته، وامتد التواصل بيني وبينه لمساعدته في موضوع ترفيعه.. وفعلا هيأ الله وتم ترقيته إلى المرتبة الأعلى ولكن كان مقرها الرياض بدلا من مكة المكرمة، وعندها رفض الترفيع وتنازل عن المرتبة مؤكدا أنه لا يعادل البقاء في مكة الحصول على كل مراتب الدنيا ووظائفها.. وقد لمته وقتها مؤكداً أن هذه فرصة ما كان ينبغي له تضييعها، ومبيناً له أنه يمكن أن يسعى للعودة إلى مكة المكرمة.. ولكنه أصر على تنازله وبقائه على مرتبته الأقل في مكة المكرمة.
والحق أنه كان محقاً في رفضه.. فالسعادة الروحية التي تضيء جوانبه وهو في مكة المكرمة أكبر من أية سعادة مادية هشة، وضوع الروحانية في جوانحه لا يعادل ضياع المرتبة في سلم وظيفته.
في مكة تشعر بفيض من الطمأنينة التي تجعل السعادة تتدفق بين جوانحك نهراً من الارتياح النفسي الذي لا يترمد ولا يتلاشى، وتحس بفيوض من السلام الذي يغمرك ويغتال أشباح الشجن في ذاتك. وما أصدق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما قالت:(والله ما رأيت السماء أقرب منها إلى الأرض إلا في مكة المكرمة). وهي لا تقصد - رضي الله عنها - القرب المادي، ولكن القرب المعنوي والروحي، فالإنسان - على أرض مكة - يحس أنه أقرب إلى السماء إيماناً وطمأنينة وروحانية.
***
** إنها مكة المكرمة أم القرى، وحسبها دعاء إبراهيم أمناً على الأرض، ورغداً في العيش، وجبياً للثمرات لها من كل مكان.
إنها مدينة المحبة..!
تغسل أدران روحك مياه مشاعرها.. وتمسح جراح أيامك بفيض الإيمان الذي يغمرك ما بين حرمها ومقامها وحطيمها..!
في مكة المكرمة تحس كم هو التاريخ مجسد بين جبالها ووديانها.. تاريخ هذه الأمة الإسلامية التي هي الآن مغلوبة على أمرها.. ومنشغلة عن فتحوها بفتح نيران الخلافات والحروب بينها وبين نفسها.!
(مكة المكرمة)
يا نهاراً من محبة، وأنهاراً من رحمة.! بين رحابك وفي طهر أرضك وبين ناسك وجدت شيئاً من نفسي.. بعضاً من طمأنينتي.. ها أنت (ترشين الأمن ما بين مخاوفي).. كما يقول ذلك الشاعر الذي ألغى الأمن تحت ستارة كعبتك..!
وبعد..!
إنه من العسير جداً أن أستطيع - بقلمي الضعيف - رواية كل ملامح قصة الحب الجميلة لهذه المدينة المقدسة.. ولكن إذا لم أستطع ركوب البحر (فلا أقل من أن استقل السواقيا..!). طِبتِ يا مكة المكرمة أهلاً وسكناً وقراراً.. وزادكِ الله أمناً وطهراً ورغداً.
***
آخر الجداول
** للشاعر العراقي يحيى السماوي من قصيدة (مكة صوت الزمان)


(جمع الزمان جميعه فإذا به
يجثو خَشَوع القلب في محرابها
من ها هنا مرّ (الأمين) ومن هنا
أسرى، وفاض العدل من (خطَّابها)
عشرون عاماً ما اغتسلت من اللظى
واليوم أبردني عظيمُ شّرابها
فو حقِّ من خلق الخليقة واستوى
حلمي يكون القلب عُتبة بابها
فاغسل فؤادك يا شريدُ بمائها
أو شَحَّ ماء فاغتسل بترابها!)

ف: 014766464


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved