Saturday 30th October,200411720العددالسبت 16 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الانتخابات الأمريكية.. الثلاثاء (القادم) لناظره قريب الانتخابات الأمريكية.. الثلاثاء (القادم) لناظره قريب
سباق الحمار والفيل.. الزيت والكتشب
د. علي شويل القرني(*)

مساء الثلاثاء القادم، وتحديدا فجر الأربعاء يكون الأمريكيون ومعهم العالم قد تعرف على الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية.. هل سيواصل بوش لأربع سنوات جديدة، أم أن جان كيري سيتولى مقاليد البيت الأبيض..؟ وإذا فاز مرشح الحزب الديمقراطي فإن عليه أن ينتظر حوالي تسعة وسبعين (79) يوما، حتى يستلم مقاليد السلطة، والتي ستكون في عشرين يناير القادم 2005م، اليوم الذي يوافق يوم عرفة بالتوقيت الهجري.. وإذا لم يجدد الشعب الأمريكي ثقته في الرئيس جورج بوش، فسيشهد يوم عرفة (حسب تقويم أم القرى) وهو يوم خميس إطلالة الرئيس الجديد كيري على العالم أجمع، ليعلن بدء رئاسته التي ستستمر أربع سنوات.. وفي هذا التاريخ سيكون القسم الأمريكي لهذا الرئيس في طقوس معروفة، تنتهي بانتقال الرئيس إلى البيت الأبيض..
ونظرا للقوة التي تحتلها الولايات المتحدة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية فإن الشأن الانتخابي الأمريكي لم يعد شأنا أمريكيا صرفا، بل أصبح شأنا عالميا.. وتعدى العالمية ليصبح شأنا محليا في كثير من دول ومناطق العالم.. فهو شأن محلي في العالم العربي، وفي إسرائيل، وفي إيران، وتركيا.. والباكستان، والصين والهند.. واليابان.. وبطبيعة الحال أوروبا وروسيا.. وإفريقيا وأستراليا.. وكندا.. وأمريكا الجنوبية.. إلخ.. فاختيار جورج بوش أو جان كيري لم يعد مسألة تهم الناخب الأمريكي فحسب، بل أصبحت أجندة مفروضة على كل العالم ومطلوب مشاركة جماهير العالم.. والسياسيين ووسائل الإعلام العالمية في هذا الحدث..
والانتخابات الأمريكية أصبحت حدثا عالميا، وحدثا مسرحيا، يتوق إلى مشاهدته مئات الملايين في كل أنحاء العالم.. وقد تطور هذا الحدث، من إجراءات إدارية وقانونية تهم القائمين على الانتخابات الفيدرالية في الولايات المتحدة، إلى لعبة إعلامية كبيرة.. وحدث رياضي ضخم، وكأس عالمية شهيرة.. فلم تعد الانتخابات الأمريكية مجرد لعبة ديموقراطية داخلية، بل تجاوزتها لتصبح مسرحية كبيرة، طرفاها فيل ضخم يرمز للحزب الجمهوري، وحمار صبور يرمز للحزب الديمقراطي..
وهذه المباراة التلفزيونية هي أيضا منافسة بين ملكة الكاتشب تريسا هاينز زوجة السناتور جان كيري، وبين لورا بوش زوجة الرئيس بوش من تكساس عاصمة النفط (الزيت) الأمريكية.. فإحدى السيدتين ستمضي أربع سنوات داخل البيت الأبيض.. أما المعلمة لورا، أو سيدة الأعمال تريسا.. وهذا السباق سيكون في خلفية السباق السياسي بين المرشحين بوش وكيري.. كما يوجد سباق آخر بين نائبي المرشحين تشيني وإدواردز.. كل هذه السباقات ستبرز يوم الانتخابات، وستكون خلفيات للشكل الرئيسي الذي هو سباق الرئاسة الأمريكية..
إن العمليات التي تمر بها الانتخابات معقدة وطويلة، وتسعى جميعها إلى فلترة الناخبين وفرزهم بما يتواءم مع القيم الأمريكية الرئيسة.. وكل هذه العمليات والمناظرات هدفها فرز الاتجاهات وبلورة المواقف وصياغة القرارات، حتى يصبح كل رئيس مثل الذي سبقه من الرؤساء الآخرين.. وحتى يتأكد الأمريكيون أن الرئيس الجديد لن يكون مختلفا عن غيره من الرؤساء الذين سبقوه.. هذه الطريقة هي التي تكرس مفاهيم مشتركة وقيم موحدة بين كل الرؤساء الأمريكيين.. وبسبب هذه الإجراءات المعقدة والطويلة والمكتوبة والدقيقة، يصبح الاختلاف بين مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري هو اختلاف شكلي، وتصبح شخصية وشكل الرئيس وصوته وهندامه وضحكته وتصفيف شعره وطريقة مشيه، و(أناقة) زوجته، وبناته.. وعلاقاتها الأسرية،.. وغيرها من السمات الشخصية هي أحد المحفزات الرئيسة على اختيار مرشح دون آخر.. ولهذا فإن الأجندة والقضايا.. -رغم أهميتها - إلا أنها تظل ميدانا لمنافسات محدودة.. ومن يتابع الدراسات السياسية للانتخابات يلاحظ تنامي دور السمات الشخصية في المرشح في ترجيح كفة فوزه..
ولا ينبغي أن يفهم أحد مما أعنيه هنا، أن القضايا الانتخابية غير مهمة، ولكن المقصود أن هذه القضايا لا تؤسس عادة لاختلافات جوهرية لدى المرشحين الرئيسين للحزبين.. فيوجد تقارب بين رؤية الحزبين تجاه القضايا الرئيسة.. وقد يكون هناك اختلاف في قضية معينة في موضوع معين، ولكن يعادلها رأي آخر في قضية أخرى للمرشح المنافس، مما يكسبها رؤية متقاربة لدى الناخبين.. ومن المعروف أن كل مرشح يحاول أن يرضي القوى والمصالح التي تسانده، والمرشح الذي يكسب هو الذي يستطيع أن يرضي أكبر قدر من طالبي هذه المصالح.. بمعنى أن القوى والمصالح الأمريكية هي التي تحدد أجندة القرار السياسي واتجاهات الموضوعات الانتخابية.. ولا يصبح هناك خلاف كبير بين رؤية الحزبين.. وهنا تظهر السمات الشخصية للمرشحين كعامل ترجيحي.. وخاصة أمام عموم العامة من الناخبين البسطاء الذين لا يدركون خلفيات اتخاذ القرار داخل المؤسسات الحزبية، أو من خلال قوى ونفوذ أصحاب المصالح..
ونذكر -ختاما- بأن مساء يوم الثلاثاء سيكون الناخب الأمريكي قد فاضل بين الزيت أو الكتشب.. بين الحمار أو الفيل.. ولربما سيكون أمام الفيل أن يدوس برجليه على الحمار، ليعلن بقاء بوش أربع سنوات أخرى.. ولكن قد يجد الحمار طريقة لتضليل الفيل، والوصول إلى البيت الأبيض.. وإن يوم الثلاثاء لناظره قريب..

(*) رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال، أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved