قد تتوفر لدينا العديد من الأغنيات التي تعتبر جزءاً من التراث الشعبي (الفلكلور) ومما لاشك فيه أن معظم هذه الأعمال الفنية جديرة باهتمامنا ولو كان يعوز منفذيها الدقة في التصوير.. والإجادة في الإبقاء على أصولها الحقيقية، ومنابعها الأصلية، ولكننا لا نشك مطلقاً في جهود محققيها.. وباعثيها إذ أتوا جهداً كبيراً يشكرون عليه.. فوجود الشيء خير من عدمه.. مثل هذه الأعمال التي نتحدث عنها أغنياتنا (الفلكلورية) الشعبية أمثال (ترحب بغيري) للفنان طارق عبد الحكيم و(يا سارية) لعمر كدرس (مرحبا بك يا هلا) لطلال مداح و(لا تحسبني) وكفاني عذب ويا جارح المجروح لمحمد عبده.. و(عشقت ولالي) لفوزي محسون و(يا عين لا تذرفي) لأبوبكر سالم بلفقيه.. هذه الألوان الشعبية بحاجة إلى إعادة توزيعها.. وتنسيقها.. وتكميل عناصرها لكي تكون أغاني قد نستفيد منها في المحافل الفنية الدولية بإعطائها طابعاً حياً نابعاً من روح الشعب وتراثه.
بودي لو تمكن التلفزيون بتصوير تلك الأغاني سينمائياً وإخراجها كفيلم تسجيلي يحكي قصة الفلكلور الشعبي لتكون تلك الأعمال أكثر حيوية وصدق في التعبير تنطبق تلك الأعمال على القصات الشعبية المطابقة لكل عمل لتكون صورة حية أداءً وصورة.. الأداء يمثل الايقاعات والنغمة الأصيلة.. والحركة تمثل كيف تؤدي تلك الرقصات بما فيها من حيوية وحماس..وهنا لو صورنا مثلا عمر كدرس أو طلال مداح في حلقة من حلقات المزمار بصورته الأصلية وهو يؤدي أغنية (يا سارية) بتوزيع موسيقى جيد وكذلك محمد عبده وهو يؤدي أغنية (لا تحسبني داله) بين دقات الطبول وتمايل السيوف لكانت تلك الأعمال أكثر تعبيراً في إعطاء صورة مستوفاة يستطيع من خلالها المشاهد الذي لم يلم بهذه الفنون أن يستسيغ تلك الأعمال.. بل التعرف عليها..قد يبدو هذا مستحيلاً في نظر البعض ولكنه لن يكون كذلك على همة المسؤولين الذين عودونا على اهتمامهم وحرصهم الشديد على حفظ التراث الشعبي وإخراجه بالصورة التي تليق به.. وحبذا لو تطوع أدباؤنا وكتابنا في عمل نصوص تمثيلية تتلاءم وتلك الفنون لإمكانية مزجها بأسلوب تمثيلي شيق يحكي قصة من واقع السلف الذين خلفوا لنا ذلك التراث فما أكثر مآثرهم.. وأعمالهم الخالدة.. ولكنها لا زالت مهملة ومنسية.. بما فيها من شهامة.. وطيب معشر.. وحسن جوار.. وإباء.. وبما فيها من شجاعة وإقدام.. ومخاطرة في ركب الأهوال..
ولي سؤال في النهاية.. لماذا تناسينا كرم البدوي ونخوته.. وكدح الفلاح وصموده.. ومخاطرة البحار في الغوص بحثاً عن اللؤلؤ.. وتلك أعمال تستحق التوقف.. وتستحق الاهتمام بها والحرص على تدوينها.. لكي تبقى مرجعاً لأجيالنا.. وتراث يدرسه أبناؤنا، ففيه العبرة والطموح.. وتجسيد للواقع الذي خلفه لنا السلف الصالح.. فعسى أن يتحقق ذلك..
المحرر الفني |