Friday 29th October,200411719العددالجمعة 15 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "زمان الجزيرة"

10-4-1392هـ الموافق 23-5-1972م العدد (392) 10-4-1392هـ الموافق 23-5-1972م العدد (392)
امرؤ القيس والحب
بقلم: عبدالعزيز الفراج

امرؤ القيس من الشعراء الجاهليين الذين غمضت على كتب الأدب والتاريخ سيرتهم ولم يظهر منها إلا القليل. لكننا نجد من شعره أنه أحب كثيرا أو تغزل في محبوباته ووصف محاسنهن.
من أجل ذلك نجد وصفه للمواقف أقرب ما يكون الى تصوير ريشة المصور بالألوان، ومن وصفه ولوعته حينما فارقته محبوبته حيث قال:


كأني غداة البين إذ رحلوا
لدى سمرات الحي ناقف حنظل
وقوفاً بها صحبي على مطيّهم
يقولون لا تهلك أسى وتجّمل
وان شفائي عبرة ان سفحتها
وهل عند رسم دارس من معول؟

فهناك حركة الحبيبة وهي على وشك السير في الغداة. وهو يتبع رحلها الى أن يبلغ ممرات الحي فيتهالك من الوجدان والشوق اليها ولا يستطيع السير من شدة ألمه ويحس عند ذلك بأنه يأكل الحنظل ذلك النبات المر.
ثم يصف جماعة عنده يواسونه ويبعدون عنه همومه وأحزانه، ولكن الديار خلت من محبوبته، ولم يبق منها سوى رسم دارس لا يجديه شيئا، فلن يسعه إلا البكاء والندب.. كذلك امرؤ القيس وقفت أمامه عثرات في الحب وغيره.
وقد شذ امرؤ القيس نحو النساء فلا يكاد يتزوج من امرأة حتى تنفر منه وتطلب منه أن يطلقها، فهو كثير التطلع الى المرأة يحب أن يرى محاسنها ويقضي بسحرها ومنظرها الجميل ثم انه إذا تزوج فسرعان ما يخاب أمله فيها ويخاب أملها فيه. ان صح هذا فليس عجيب أن يتطلع الى امرأة أبيه الشابة الحسناء. فيخرج بنفسه نقمة من أبيه فيندفع الى غضبه فيأمر تابعه بأن يقلع عينيه اللتين تطلعتا الى امرأة كان ينبغي أن ينظر اليها نظرات الأم.
وقد نشعر أحيانا بحزن ذلك الشاعر المسكين وهو يصف لنا قلقه وخيبة أمله في النساء اللاتي أحبهن. أحب أم الحويرث - وأم الرباب - ولكنهما انصرفتا عنه وهام (بفاطمة) وأخرى اسمها (فرتنا) ثم أحب سلمى ونعم بحبها حينا وحسب أنها تدوم له. لكنها لم تلبث أن تغيرت عنه فقال:


وتحسب سلمى لا تزال كعهدنا
بوادي الخزامى أو على رأس أوعال
ليالي سلمى إذ تريك منسقاً
وجيداً كجيد الريم ليس بمعطال

فلما سأل عنها بسباسة أجابته بقولها (لقد كبرت يا امرؤ القيس).


ألا زعمت بسباسة اليوم انني
كبرت الا يحسن اللهو أمثالي

وكان أحيانا يلم بواحدة أو بأخرى من هؤلاء فيعرج على ديارها وهو خائف مرتقب لطول عهده بالخيبة فيستأذن أصحابه قائلاً:


خليلي مرا بي على أم جندب
يقضي لبانات الفؤاد المعذّب

ولكنه كان دائما يعود من المامه خائبا. وقد انتهى أمره الى أن قنع بذكريات أيام لهوه يذكرها وهو حزين يائس بعد أن تكررت خيبته واشتد الكرب من حوله.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved