* تحقيق : محمد راكد العنزي - محافظة طريف :
يأتي الشهر الفضيل في كل عام ليكون فريضة عظيمة للمسلمين للإكثار من العبادات والطاعات تقربا لله عز وجل ، واستغلالا لعظمة هذا الشهر الكريم الذي تتضاعف فيه الحسنات ، وعندما يحل رمضان يحرص كثير من الصائمين على تأدية كافة الأعمال الصالحة التي تقربهم إلى الله ، غير ان هذا لا يمنع أبدا ان تكون هناك بعض السلبيات التي تتكرر سنويا من بعض الناس في كل رمضان والتي رأينا ان نسلط عليها الضوء من خلال التحقيق التالي :
استغلال فضائل الشهر
بداية يشير محمد فايز العنزي إلى نقطة في غاية الأهمية أصبحت بمثابة الظاهرة الموسمية التي قد تسبق دخول رمضان ، وهو تسابق الناس أفرادا وجماعات إلى الأسواق لشراء حاجيات ولوازم الشهر من مختلف أصناف الطعام والشراب والأواني ، وبشكل مبالغ فيه قد يصل إلى حد التبذير الذي نهانا الله عنه ، حيث إن هذه الأطعمة قد لا يؤكل جميعها على المائدة الرمضانية ، وإنما يذهب غالبيتها هدرا في سلات المهملات ومكبات النفايات وهو أمر محرم علينا فشهر رمضان ليس شهرا للتفنن في إعداد الموائد وما فيها من أصناف لذيذة ، وإنما هو شهر للعبادة والتزود بالحسنات وتلاوة القرآن الكريم ، وأداء صلاة التراويح مع الجماعة ففيه فضائل كثيرة يجب ان نستغلها بالشكل المطلوب.
التسول وازدياده في رمضان
أما فرحان صقر البلعاسي فيقول : لقد أصبح من المألوف ان نرى في شهر رمضان ظاهرة التسول ، وقد ازدادت بشكل ملحوظ وبشكل يوحي الينا بأنها قد أصبحت مرتبطة فقط بحلول هذا الشهر الفضيل ، وتجعلنا نتساءل وبإلحاح عن صدق هؤلاء ومدى حاجتهم ؟؟ وإذا كانت هذه الفئة في أشد الحاجة للتسول فأين هم قبل رمضان ، أم أن حاجتهم لا تظهر إلا في هذا الشهر ، إذاً لو نظرنا وبتمعن إلى أحوال هؤلاء المتسولين الذين يجوبون كل يوم الشوارع والأحياء ويجلسون عند أبواب المساجد ، لتعرفنا على مدى زيف ما يدعون واحترافهم للتسول كمهنة تدر عليهم الأموال ، متخفين خلف جبيرة يلفونها على معصمهم ، أو احد أقدامهم أو يحملون معهم صك عسر ، أو أوراق ديون مزيفة.
أما بالنسبة للمرأة فكل ما تحتاج إليه ملابس رثة ، وطفل رضيع لتتسول به أمام الناس ، وإنما يظلون يلاحقونه ويضايقونه بشتى السبل والأدعية حتى يجبرونه على مد يده إلى جيبه ليعطيهم ما تجود به نفسه ، وأغلب هؤلاء المتسولين يقوم بالجلوس أمام بوابات المساجد في انتظار خروج المصلين ، بعد أن يكونوا قد أدوا ما عليهم من صلاة وخرجوا يتطلعون إلى العمل الصالح ، أو يبادر إلى الانتظار أمام البنوك في انتظار أصحاب الأموال الذين يودعون ويحولون النقود ، بل ان الأمر وصل إلى البعض من المتسولين من النساء إلى قرع أبواب البيوت وإزعاج النائمين المطمئنين في منازلهم.
اللهم إني صائم
ويقول مرجح فرحان الرويلي : كثيرا ما تطرق مسامعنا في هذا الشهر الفضيل مقولة بعض الناس في أي موقف يتعرض له مهما كان متواضعا في حجمه (اللهم إني صائم) ، وهذا المقطع الذي ورد في حديث شريف للرسول صلى الله عليه وسلم في قوله : (إذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، وان سابه أحد أو شاتمه فليقل : إني صائم) ، ورغم وضوح هذا الحدث وعدم حاجته إلى تفسير لمعناه إلا ان البعض من الناس قد اعتاد جعل هذه الكلمات الشريفة جاهزة على لسانه في كل حين وفي كل مناسبة ، بحيث لم يجهد نفسه بالتعرف على المقاصد الواضحة من هذا الحديث ، وإنما أصبحت هذه الكلمات وكأنها (مثلاً) يضرب به في الأحاديث ، أو مقولة يستشهد بها في كل مجلس ومناسبة ، وفي كل حادثة أو مزاح ومن دون سبب واضح ، بل انه ولمجرد نقاش بسيط بينه وبين أحد الزملاء في العمل أو الاستراحة حتى تقفز هذه الكلمات إلى طرف لسانه ليقول مازحاً (اللهم إني صائم) بحيث يشعر البعض بأن هذه الكلمات قد أصبحت لا تشكل له ذات أهمية لأنها درجة على الألسن .
وأضحت من الأشياء المتعارف عليها في أيام رمضان لكثرة ما يرددها البعض من الناس ، وذلك على الرغم من اننا لو تمعنا في معناها الصحيح لوجدنا انها تحمل معنى كبيرا أراد به الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ، أن يوصله إلى أصحابه ويخبرهم من خلاله كيف يجب ان يكون خلق المسلم ، وخاصة عندما يكون صائماً فالصوم ليس مجرد إمساك عن الطعام والشراب ، وإنما هو كذلك إمساك عن الكلام الفاحش والسباب والتعرض للمسلمين بأعراضهم.
فترات القلق
ويقول عثمان سالم البناقي : إن اللحظات القليلة التي تسبق موعد الإفطار تبقى دائما مصدر قلق وتوتر لدى الكثير من السائقين ، الذين يقومون كثيرا بالإسراع والتهور بغية الوصول في فترة قصيرة إلى منازلهم وأماكن إفطارهم قبل أن يحين موعد صلاة المغرب ، وعندها تتحول الشوارع في تلك الفترة إلى أشبهم ما تكون بحلبات سباق مفتوح يمارس فيها بعض السائقين القيادة بتهور وبسرعة جنونية ، تخيف كثيرا ممن حولهم في الطرقات ، وقد تؤدي بهم إلى مشاكل واحتدام في النقاش مع بقية السائقين قد تصل إلى السباب والشتم ، بحيث تخرجهم عن إطار المعاني السامية للصيام.
الأطفال في المسجد
ويشير ناجح حسيان الرويلي إلى أن البعض من الناس - هداهم الله - يحولون المساجد ودور العبادة إلى أماكن للأكل والشرب ، حيث يحضر البعض معهم حافظات الشاي والقهوة ويقوم الأطفال بتوزيع العصائر عليهم متسببين في ملء المساجد ببقايا الطعام والأوساخ ، وهي أشياء ليس لها داع أبدا فمعظم المصلين يأتون من منازلهم وقد انتهوا من تناول الطعام وليسوا بحاجة إلى المزيد الذي يثقل عليهم صلاتهم ، كما ان البعض وللأسف الشديد يقوم باحضار أبناءه الصغار معه إلى المسجد ويقومون بمضايقة المصلين وقطع خشوعهم باللعب داخل المكان وتخطيهم لرقاب المصلين ، وصراخهم المتكرر الذي يزعج الموجودين ويثير تذمرهم من هذا الأب وأبنائه.
|