* حوار - مسلم الشمري:
كشف مديرمكتب مكافحة التسول بالرياض الأستاذ حمد بن سعد الثاقب أن ظاهرة التسول الوافدة تشكل ما نسبته60% من المتسولين، وبلغ عدد المقبوض عليهم في مدينة الرياض العام الماضي 1424هـ (5105) متسولين قدموا للمملكة عن طريق التهريب والتسلل.
وقال الثاقب في حديث ل(الجزيرة):
إن إمكانات المكتب لا تقارن بحجم الظاهرة ولكن القضية ليست قضية إمكانات بل قضية وعي مجتمع بخطورة هذه الظاهرة مشيرا إلى أن الحد من انتشار هذه الظاهرة بأن يكون البذل والعطاء عن طريق الجمعيات والمبرات الخيرية، وإلى تفاصيل الحوار:
* من الملاحظ أن ظاهرة التسول تنشط خلال شهر رمضان في جميع أحياء مدينة الرياض، سواء في المساجد أو الأسواق أو عند الإشارات.. ما هي جهودكم للحد من هذه الظاهرة؟
- ظاهرة التسول تنشط في شهر رمضان المبارك ولكن هي أصلاً ظاهرة على مدار العام وغير موسمية وتتمركز في المساجد والأسواق والإشارات والدوائر الحكومية والبنوك والحقيقة مهما بذل من الجهود والطاقات والإمكانيات سواء المادية أو البشرية أو الآلية عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية أو وزارة الداخلية لن نستطيع القضاء أو الحد من هذه الظاهرة إلا بتعاون وتكاتف المجتمع ككل (المواطن والمقيم).
خاصة وأن للمتسول ثلاث طرق معروفة: الكذب، المكر، الاستعطاف، وقد أوضحت الإحصاءات التي قام بها المكتب أن هذه الظاهرة وافدة على مجتمعنا حيث يشكل الأجانب في مدينة الرياض نسبة تصل إلى60% وبلغ عدد المقبوض عليهم في الرياض فقط العام الماضي 1424هـ (5105) متسولين.
وما أريد توضيح حقيقته أن التسول يقوم على مبدأ الأخذ والعطاء فهناك شخص يعطي وآخر يأخذ وقبل أن تمنع الذي يأخذ لا بد أن نوجه رسالة للمعطي لأنه لو امتنع المعطي لم نجد الذي يأخذ والوقاية خير من العلاج لأن مساعدة المتسولين وإعطائهم الأموال هو بمثابة الدعوة لهم لممارسة التسول في الأماكن العامة.
وهذا التصرف يجعل المحتاج يخرج للتسول ويتذلل للناس لكي يحصل على مساعدة منهم بدلا من البحث عن عمل يتكسب منه أو الذهاب للجمعيات الخيرية أو المبرات لتقديم المساعدة له لأن ديننا الحنيف كرم بني آدم وأوجب للمسكين حقا في مال الغني.
والآن التسول ليس ظاهرة اجتماعية بل تحولت إلى ظاهرة أمنية وخطورتها الأمنية أكثر من خطورتها الاجتماعية وأصبح التسول في كثير من الأحيان رداء يخفي وراءه قضايا وجرائم أمنية تمس أمن البلد. وكما قلت لدينا في الرياض 60% من المتسولين أجانب وقد حضروا للمملكة عن طريق التهريب والتسلل هذا على مستوى الأفراد وهناك عصابات يستقدمون أطفالا ومعوقين وكبار السن لاستغلالهم للتسول وهم كذلك أجانب ولكن يلبسون ملبسا سعوديا ولا تستطيع تمييزهم.
* أفهم من حديثك أن المجتمع هو سبب انتشار ظاهرة التسول؟
- نعم يعتبر المجتمع هو الخط الأول وهمّ رجال المكافحة الأول هو أن يحدوا من انتشار الظاهرة لأنه من غير المنطقي أن تضع دورية عند كل مسجد وعند كل إشارة وفي كل حي وهذا ليس منطقيا وفيه تبذير للأموال واستنزاف للطاقات والجهود.
* حدثنا عن جهودكم ميدانيا.. وماذا عن الإمكانات المتاحة لكم؟
- الجهود مهما بذلت لا تستطيع أن تؤدي الرسالة المناطة فمدينة الرياض مثلا تمثل عدة مدن داخل مدينة واحدة وكذلك كثافة أعداد السكان وتباعد أحياء المدينة والأزمة المرورية كلها أمور تصعب من المهام فتخيل لو استقبلنا بلاغا في شمال الرياض وتحركت الدورية من موقع البلاغ يكون المتسول قد اختفى والدورية لم تصل بعد، أما الإمكانات فلا تقارن بحجم الظاهرة والإمكانات الحالية محدودة جدا ولا تقارن بحجم المدينة ولا أعداد المتسولين المنتشرين في كل مكان.
ولكن ليست القضية قضية إمكانات أو قلة دوريات رغم أهميتها بل قضية وعي مجتمع بخطورة هذه الظاهرة، فكثيرا ما نقبض على المتسولين الأجانب ويتم تسليمهم لمراكز الشرطة داخل الحي الذي قبض عليهم فيه والذين بدورهم يحيلونهم إلى إدارة الوافدين التابعة للجوازات حيث يتم ترحيلهم وبعد عشرة أيام تفاجأ بهم بأحد المساجد أو احدى الإشارات ولأنهم يدخلون عن طريق التسلل والتهريب لأن هناك إغراءات تجعلهم يخاطرون، ونحن نهيب بالجميع أن يتعاونوا مع مكتب التسول للحد من هذه الظاهرة وذلك بالكثير من الطرق الفاعلة مثل:
عدم التعاطف مع المتسولين المحتالين وعدم اعتراض دوريات المكتب عند محاولة القبض على المتسولين فدائما ما يتعرض أفراد المكتب للضرب وإيقافهم عن مهام عملهم من قبل المواطنين بدعوى أنهم مساكين واتركوهم يسترزقون.
* هل هناك تعاون من قبل أئمة المساجد مع المكتب من حيث منع المتسولين من التسول في مساجدهم؟
- للأسف لا يوجد إلا القليل من الأئمة يتصلون علينا لإبلاغنا بوجود متسولين مع العلم بأن هناك تعليمات صريحة وواضحة وجميع التعاميم الصادرة في قضايا التسول من المقام السامي أو وزارة الداخلية أو إمارات المناطق وغيرها جميعها تنص على أن يقوم الأئمة والخطباء والمؤذنون بمنع المتسولين داخل المساجد وهناك تعاميم تصدر من وزير الشؤون الإسلامية ولكن يتعللون بمسألة الجماعة وحرصهم على أن يحصل على ما يسد رمقه ولكن ما المانع أن تكون خطبة الجمعة يوما ما عن التسول أو درس بعد العصر عن هذا الموضوع، والتسول داخل المساجد لا يجوز شرعا والنساء الآن يجلسن داخل المسجد للتسول لأنه لم يكن هناك رادع وبالتالي تمادين.
* هناك بعض الكتاب يقول إن مكتب مكافحة التسول يغط في سبات عميق.. كيف تردون؟
- طبعا كل شخص يقول مثل هذا الكلام لأنه يحكم بين الأمرين: انتشار وزيادة نمو الظاهرة وعدم وجود شيء ملموس لمكتب المكافحة والسبب هو أنه لا يعرف دوريات مكافحة التسول ولكن أعود وأكرر: إن القضية ليست قضية مكافحة التسول إنما القضية بيد المواطن.
فالعطاء هنا غير مرتب ومنظم، وأنا أتساءل:
لماذا لا يكون العطاء للجمعيات من المؤسسات والمبرات الخيرية.
* أشرت في إجابتك السابقة إلى عدم وعي المجتمع بمخاطر هذه الظاهرة.. ولكن ما هي جهودكم التوعوية من مطويات وبروشورات وإعلانات وغيرها لتوعية المجتمع؟
- هناك إشكالية كبيرة في المكتب حيث نقوم الآن بالدورين: الدور الأمني والدور الاجتماعي الدور الأمني الذي يتمثل في عملية القبض في الميدان وهذا في الحقيقة ليس من اختصاص المكتب لأننا جهة اجتماعية مدنية مهما بذلنا لا يمكن أن يكون أداؤنا فعالا في عملية القبض لأن القبض بحد ذاته عمل أساسي من أعمال رجال الأمن وهذه إشكالية كبيرة أرقتنا وشغلتنا عن عملنا الأساسي وهو الجانب الاجتماعي واتجهنا إلى الجانب الأمني الميداني وأخذ منا جزءا كبيرا، وعبر جريدتكم الموقرة أحث كافة القطاعات الأمنية ذات الاختصاص على تفعيل دورها المتمثل في القبض على هؤلاء المتسولين وتطبيق التعليمات الخاصة بهذا الشأن على اعتبار أن التسول يمثل قضية أمنية وليست ظاهرة اجتماعية.
والجانب الثاني وهو الجانب الاجتماعي الخاص بالمتسولين السعوديين فعندما يقبض على أحدهم نحاول أن نبحث له عن أي علاج يناسب حالته، فإذا كان تنطبق عليه شروط الضمان الاجتماعي يحول اليه وإذا كان قادرا على العمل يحول الى مكتب العمل أو إحدى المؤسسات التي تتعامل معهم لإيجاد فرصة عمل أو يحال الى الجمعيات الخيرية ونحاول أن نجد له أي مصدر رزق يساعده على الامتناع عن ممارسة هذه الظاهرة حتى تتحول مكاتب مكافحة التسول إلى مكاتب متابعة اجتماعية.
أما بالنسبة للجانب الإعلامي فالوزارة تقوم بذلك وقد سبق أن وزعت منشورات عند الإشارات المرورية وعند الانفاق وعلى كباري المشاة ولكن فوجئنا بأن المتسولين أنفسهم هم من أتلفوها.
* لا يخلو شارع بمدينة الرياض إلا تجد عند إحدى إشاراته أطفالا يبيعون مياها أو مناديل أو طيورا.. ما هي جهودكم حيال القضاء على هذه الظاهرة؟
- سبق أن صدرت توجيهات سمو أمير منطقة الرياض بإنشاء وحدة خاصة تسمى (وحدة منع الباعة عند الإشارات المرورية) وقد شكلت من وزارة الشؤون الاجتماعية وشرطة الرياض وجوازات الرياض وأمانة مدينة الرياض، ومسؤولية القبض على هؤلاء الباعة مناطة الى الشرطة والجوازات والمكتب ليس له علاقة بهؤلاء.
* ما هي أكثر أحياء مدينة الرياض التي تنشط فيها حالات التسول؟
- الحقيقة في جميع أحياء الرياض ولكن تكثر في شمال الرياض.
* ما هو أغرب وأطرف موقف مر عليكم أثناء تعاملكم مع المتسولين؟
- تم القبض على متسولة ووجد معها خادمتها تساعدها على ممارسة التسول وجمع الأموال وهذا دليل على أنها ليست محتاجة ولكن أخذتها كمهنة وهناك من قبض عليهم وبحوزتهم حوالات تتجاوز ثمانين ألف ريال وسبق أن حضر أحد كبار السن إلى مكتبي بعد أن شاهد مبنى المكتب والأعداد الكبيرة من الناس تدخل وتخرج منه أعتقد أنها لأحد الأثرياء دخل علي وقال:
إنني محتاج فقلت له: أين أنت يا رجل قبل قليل أرسلنا عددا من الدوريات والأفراد للبحث عنك وعن أمثالك وشك في الأمر وعندما علم أنه وقع وأنه في داخل مكتب مكافحة التسول طلب العفو.
|